للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ:

فَأَمَّا إِذَا بَاعَهُ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْأَرْضِ فَبَيَاضُ الْأَرْضِ الَّذِي بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَا يَخْتَلِفُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تُبَاعَ الْأَرْضُ فَيَتْبَعُهَا الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ وَبَيْنَ أَنْ يُبَاعَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ فَلَا تَتْبَعُهُمَا الْأَرْضُ.

إِنَّ الْأَرْضَ أَصِلٌ وَالْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ فَرْعٌ فَإِذَا بِيعَتِ الْأَرْضُ جَازَ أَنْ يَتْبَعَهَا فَرْعُهَا، وَإِذَا بِيعَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ لَمْ تَتْبَعْهُ الْأَرْضُ الَّتِي هِيَ أَصْلٌ.

فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْأَرْضِ قَرَارًا لِلْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فَفِي دُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِلْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَالثَّانِي: يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا قِوَامَ لِلْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ إِلَّا بِهِ فَخَالَفَ بَيَاضَ الْأَرْضِ الَّذِي يَسْتَغْنِي عَنْهُ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا إِذَا قَالَ بِعْتُكَ هَذَا الْبُسْتَانَ فَالْبَيْعُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْأَرْضِ وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ الشَّجَرُ وَالْغِرَاسُ وَالنَّخْلُ وَكُلُّ مَا لَهُ مِنَ النَّبَاتِ أَصْلٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِعْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ لِأَنَّ اسْمَ الْبُسْتَانِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَى الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ حَتَّى تَكُونَ ذَاتَ نَخْلٍ وَشَجَرٍ، فَلَوْ كَانَ فِي الْبُسْتَانِ بِنَاءٌ كَانَ كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْبُسْتَانَ قَدْ يَخْلُو مِنَ الْبِنَاءِ فَيَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلَا يَخْلُو مِنَ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ فَيَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ.

وَإِنْ قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الْقَرْيَةَ دخل في البيع سود الْقَرْيَةِ كُلُّهُ مِنَ الْبِنَاءِ وَالْمَسَاكِنِ وَالدَّكَاكِينِ وَالْحَمَّامَاتِ وَمَا فِي خِلَالِ الْمَسَاكِنِ مِنَ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَزَارِعُهَا وَلَا أَرْضُهَا وَلَا بَسَاتِينُهَا وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْأَرْضِ مَا اخْتَلَطَ بِبُنْيَانِهَا وَمَسَاكِنِهَا وَمَا كَانَ مِنْ أَفْنِيَةِ الْمَسَاكِنِ وَحُقُوقِهَا دُونَ غَيْرِهِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا إِذَا بَاعَهُ دَارًا وَقَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَأَطْلَقَ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الدَّارُ مِنْ بِنَاءٍ وَسُقُوفٍ وَسُفْلٍ وَعُلُوٍّ وَكُلِّ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِبُنْيَانِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ دَاخِلًا أَوْ خَارِجًا مِنَ الْأَبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ وَالْأَجْنِحَةِ وَالْمَيَازِيبِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَعَ ذَلِكَ مَا كَانَ دَاخِلًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ خَارِجًا. وَلِأَجْلِهِ احْتَرَزَ الشُّرْطِيُّونَ فِي كَتْبِ الْوَثَائِقِ فَقَالُوا وَكُلُّ حَقٍّ هُوَ لَهَا دَاخِلٌ فِيهَا وَخَارِجٌ مِنْهَا.

وَهَذَا مَذْهَبٌ ظَهَرَ فَسَادُهُ بِإِجْمَاعِ الْكَافَّةِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالِاتِّصَالِ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ فِي الْأَمْرَيْنِ. وَأَمَّا مَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُمَا مِنْ آلَةٍ وَقُمَاشٍ وَدَلْوٍ وَبَكَرَةٍ فَكُلُّهُ خَارِجٌ عَنِ الْبَيْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>