للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَلَا بَأْسَ إِذَا جَلَسَ أَنْ يَقُولَ تَكَلَّمَا أَوْ يَسْكُتَ حَتَّى يَبْتَدِئَ أَحَدُهُمَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَوْلَى فِي أَدَبِ الْخَصْمَيْنِ إِذَا جَلَسَا لِلتَّحَاكُمِ أَنْ يَسْتَأْذِنَا الْقَاضِيَ فِي الْكَلَامِ لِيَتَكَلَّمَا بَعْدَ إِذْنِهِ.

فَإِنْ بُدِئَ بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ، جَازَ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ أَدَّبَهُ.

فَإِنْ سَكَتَ الْخَصْمَانِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَاحِدٌ مِنْهما بَعْدَ جُلُوسِهِمَا فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ لِلتَّأَهُّبِ لِلْكَلَامِ أَمْسَكَ عَنْهُمَا، حَتَّى يَتَحَرَّرَ لِلْمُتَكَلِّمِ مَا يَذْكُرُهُ.

وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ سُكُوتُهُمَا لِهَيْبَةٍ حَضَرَتْهُمَا عَنِ الْكَلَامِ تَوَقَّفَ حَتَّى تَسْكُنَ نُفُوسُهُمَا فَيَتَكَلَّمَانِ.

وَإِنْ أَمْسَكَا لِغَيْرِ سَبَبٍ، لَمْ يَتْرُكْهُمَا عَلَى تَطَاوُلِ الْإِمْسَاكِ، فَيَنْقَطِعُ بهما عن غيرهما من الخصوم وقال لهم: مَا خَطْبُكُمَا؟ وَهُوَ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ فِي اسْتِدْعَاءِ كَلَامِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَحْكِيٌّ من نبيه مولى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ، وَقَالَ: تَكَلَّمَا، أَوْ يَتَكَلَّمُ الْمُدَّعِي مِنْكُمْ، أَوْ يَتَكَلَّمُ أَحَدُكُمَا، جَازَ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ الْعَوْنُ الْقَائِمُ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ.

فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ بِالْكَلَامِ، وَلَمْ يَسْبِقْ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُقَدَّمُ مَنْ قُرِعَ مِنْهُمَا.

وَالثَّانِي: يَصْرِفُهُمَا، حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى ابْتِدَاءِ أَحَدِهِمَا.

( [مَنْ يَبْدَأُ بِالْكَلَامِ من الخصمين] ) .

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْتَدِئَ الطَّالِبُ فَإِذَا أَنْفَذَ حُجَّتَهُ تَكَلَّمَ الْمَطْلُوبُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِنِ اتَّفَقَا عَلَى الطَّالِبِ مِنْهُمَا وَالْمَطْلُوبِ، فَالْمُبْتَدِئُ بِالْكَلَامِ مِنْهُمَا هُوَ الطَّالِبُ قَبْلَ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الطَّالِبِ سُؤَالٌ، وَكَلَامَ الْمَطْلُوبِ جَوَابٌ.

فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْهُمَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا طَالِبٌ وَأَنْتَ مَطْلُوبٌ، نُظِرَ: فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ الطَّالِبُ، وَصَاحِبُهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ قَالَا مَعًا، وَلَمْ يَسْبِقْ بِهِ أَحَدُهُمَا، فَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمَا.

وَالثَّانِي: صَرْفُهُمَا حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى الطَّالِبِ مِنْهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>