للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ زَيْدٌ، ثُمَّ مَاتَتْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ قَدِمَ زَيْدٌ فِي آخِرِهِ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَدَّادِ فِي (فُرُوعِهِ) ، أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فِي يَوْمِ السَّبْتِ، طُلِّقَتْ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِهِ، فَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ لَهَا: أنت طالق في اليوم الذي يقدم فيه زَيْدٌ، كَانَ قُدُومُهُ فِي الْيَوْمِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَاقِعًا مَعَ طُلُوعِ فَجْرِهِ، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ، إِذَا تَقَدَّمَ الْمَوْتُ عَلَى الْقُدُومِ، وَأَنَّ قُدُومَ زَيْدٍ يُوجِبُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ، حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ وَخَالَفَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالْيَوْمِ وَحْدَهُ، مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ فِيهِ، حَيْثُ وَقَعَ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ، لِأَنَّهُ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْيَوْمِ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ وُجِدَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ، وَفِي تَعْلِيقِهِ بِقُدُومِ زَيْدٍ تَعْلِيقٌ لِطَلَاقِهَا بِشَرْطَيْنِ، فَلَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ إِلَّا بِهِمَا.

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ، فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ، قَدِمَ زَيْدٌ فِي آخِرِهِ، عُتِقَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَى قَوْلِ سُرَيْجٍ؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بَعْدَ صِحَّةِ الْبَيْعِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ؛ ثُمَّ خَلَعَهَا وَقَدِمَ زَيْدٌ فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ قَبْلَ شَهْرٍ، لَمْ تُطَلَّقْ بِقُدُومِهِ، وَصَحَّ الْخُلْعُ، وَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ شَهْرٍ، فَإِنْ كَانَ الْخُلْعُ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَمْ تُطَلَّقْ بِقُدُومِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهَا باتت بِالْخُلْعِ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ.

فَإِنْ كَانَ الْخُلْعُ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِأَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ، وَقَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ عَقْدِ الطَّلَاقِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ طُلِّقَتْ بِقُدُومِ زَيْدٍ، وَبَطَلَ الْخُلْعُ، لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ وَتَقَدُّمِ زَيْدٍ عَلَى الْخُلْعِ، فَصَارَ الْخُلْعُ وَاقِعًا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بقدوم زيد.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ عَنَيْتُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ غَيْرِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَهَا كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا عَائِدٌ إِلَى قَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ الشَّهْرَ الْمَاضِي، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِيهِ زَوْجٌ كَانَ لَهَا قَبْلِي، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>