للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى مَالٍ فَأَذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ بِالنَّسَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَسَاءً بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ قَدْرًا لِأَنَّ ما زاد عليه خارج منه.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَهُوَ مصدقٌ فِي ذَهَابِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُؤْتَمَنٌ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ لِمَنْفَعَةِ مَالِكِهِ بِطَلَبِ الرِّبْحِ، وَمَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنَ الرِّبْحِ فَإِنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَنْ عَمَلِهِ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ الْمُسْتَعْجِلِ فَإِذَا ادَّعَى تَلَفَ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنِ ادَّعَى رَدَّ الْمَالِ عَلَى رَبِّهِ فَالْأُمَنَاءُ ثَلَاثَةٌ:

أَمِينٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَهُوَ الْمُودَعُ، وَأَمِينٌ لَا يُقْبَلُ قوله وهو المرتهن، وأمين مختلف في قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الرَّدِّ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُضَارِبُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ مَعَ يَمِينِهِ كَالْمُوَدَعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الرَّدِّ وَإِنْ كان مقبولاً في التلف كالمرتهن.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِإِذْنِهِ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَالْمُضَارِبُ ضامن والعبد له ولمالك إِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْبَحَ فِي بَيْعِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ أَبَا رَبِّ الْمَالِ أَوْ أُمَّهُ أَوْ بِنْتَهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. فَإِنِ اشْتَرَاهُ بِإِذْنِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ، وَكَانَ لَازِمًا لِرَبِّ الْمَالِ، وَهُوَ فِي شِرَائِهِ لَهُ كَالْوَكِيلِ، وَقَدْ بَطَلَ مِنَ الْقِرَاضِ مَا دَفَعَهُ فِي ثَمَنِهِ، وَكَانَ كَالْقَابِضِ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

وَهَلْ يَكُونُ عَقْدُ ابْتِيَاعِهِ دَاخِلًا فِي عَقْدِ قِرَاضِهِ، أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أبي حامد الإسفراييني أنه دخل فِي عَقْدِ قِرَاضِهِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ لَوْ كَانَ عَلَى رِقِّهِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ رَجَعَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ فَضْلِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عَقْدِ قراضه لخروجه من حُكْمِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِي شِرَائِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي شِرَائِهِ عَلَى عِوَضٍ مِنْهُ، فَصَارَ كَالْمُشْتَرِي فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ.

فَصْلٌ

: وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لأن عقد القارض يُوجِبُ ابْتِيَاعَ مَا تُرْجَى الزِّيَادَةُ فِي ثَمَنِهِ، وَالزِّيَادَةُ فِي ثَمَنِ هَذَا مَعْدُومَةٌ، وَاسْتِهْلَاكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>