وَالثَّانِي: اسْتِعْمَالُهُ.
فَأَمَّا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فَمِنْ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِيمَا رَوَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْهُ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عِيسَى عَنْ سَعِيدٍ وَلَمْ يَذْكُرِ السِّعَايَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ تَفَرَّدَ بِرِوَايَةِ السِّعَايَةِ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ مَنْ هُوَ أَضْبَطُ مِنْ سَعِيدٍ وَهُوَ مِسْعَرٌ الْحَافِظُ وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ السِّعَايَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ رواه هشام بن قَتَادَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ " وَأَنَّ قَتَادَةَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَذَكَرَ قَتَادَةُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَوَهِمَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فَضَمَّهُ إِلَى رِوَايَتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: رِوَايَةُ هَمَّامٍ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ فَصَّلَ مَذْهَبَ قتادة عن روايته وسعيد أزواجها فِي الرِّوَايَةِ.
وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْخَبَرِ فِي السِّعَايَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُرَاضَاةِ، دُونَ الْإِجْبَارِ إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ وَأَجَابَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ، لِأَنَّهُ قَالَ: غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ وَالْإِجْبَارُ شَاقٌّ، وَلِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ اسْتِفْعَالٌ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَوْضُوعٌ لِلطَّلَبِ كَقَوْلِهِمُ اسْتَسْلَفَ وَاسْتَصْعَبَ وَاسْتَقْرَضَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى اسْتِسْعَائِهِ فِي خِدْمَةِ الشَّرِيكِ وَاكْتِسَابِهِ لَهُ بِحَقِّ مِلْكِهِ لَا لِإِطْلَاقِ الِاسْتِسْعَاءِ فِي احْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ تَنَافِيَ أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ يَمْنَعُ مِنَ الجمع بينهما فهو أن نُغَلِّبُ أَحَدَهُمَا وَلَا نَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَزَالَ التَّنَافِي.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي مِلْكِ الْوَاحِدِ فَهُوَ أَنَّ اخْتِيَارَهُ لِلْمُعْتِقِ أَوْجَبَ سرايته على مِلْكِهِ، وَلَمْ يُوجِبْ سِرَايَتَهُ إِلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ إِذَا اسْتَقَرَّ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ جَعْلِهِمُ الْعَبْدَ كَالْغَاصِبِ فَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَبْدِ فِعْلٌ وَلَا لَهُ عَلَى رِقِّهِ يَدٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ كَالْغَاصِبِ الْمُتَعَدِّي بِيَدِهِ وَاسْتِهْلَاكِهِ.
[مسألة]
: قال الشافعي رضي الله عنه: (ويحتمل قوله فِي عِتْقِ الْمُوسِرِ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُعْتَقُ بِالْقَوْلِ وَبِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَالْآخَرُ أَنْ يَعْتِقَ الْمُوسِرُ وَلَوْ أَعْسَرَ كان العبد حرا واتبع بما ضمن وهذا قول يصح فيه القياس (قال