للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، لِأَنَّهَا فرض بعضٍ هذه الجملة إلى أن يعطي جبراناً من الْجَذَعَةِ فَتُؤْخَذُ حِينَئِذٍ مَعَ الْجُبْرَانِ.

فَصْلٌ

: إِذَا لم تكن الفريضة موجودة في ماله وأراد أَنْ يَصْعَدَ سِنِينَ وَيَأْخُذَ أَرْبَعَ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ سِنِينَ وَيُعْطِيَ أَرْبَعَ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أراد أن يصعد بثلاثة أسنان أو ينزل بثلاثة أَسْنَانٍ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ السِّنُّ الَّذِي يَلِي الْفَرِيضَةَ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي مَالِهِ، كَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَلَا حِقَّةٌ وَكَانَتْ عِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ، فَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ مَعَهَا إِمَّا أَرْبَعُ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بنت مخاض فلم يكن عنده بنت مخاض ولا بنت لبون فكان عِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ، أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، هَذَا مَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدَّرَ جُبْرَانَ السِّنِّ الْوَاحِدِ بِشَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ درهماً تنبيهاً على السنين والثلاثة توخياً للرفق وطلب المواساة.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ السِّنِّ الَّذِي يَلِي الْفَرِيضَةَ، فَفِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ إلى السن الثاني وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: جَوَازُهُ اعْتِبَارًا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ مَا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْفَرِيضَةِ كَمَا لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنِ الْفَرِيضَةِ إِلَى غَيْرِهَا مَعَ وُجُودِهَا.

فَصْلٌ

: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْخِيَارَ فِي دَفْعِ الشَّاتَيْنِ أَوِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا لِمُعْطِيهَا دُونَ آخِذِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي رَبَّ الْمَالِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ دَفْعِ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَ الْمُصَدِّقَ كَانَ بِالْخِيَارِ على معنى النظر للمساكين، ليس على دَفْعِ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي رَبَّ الْمَالِ أَوِ الْمُصَدِّقَ، فَإِنْ أَرَادَ دَفْعَ شَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خيره بين شاتين وعشرين دِرْهَمًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ خِيَارًا ثالثاً، وكما لَا يَجُوزُ لِلْمُكَفِّرِ أَنْ يُبَعِّضَ كَفَّارَةً، فَيُخْرِجُ بَعْضَهَا كِسْوَةً، وَبَعْضَهَا طَعَامًا، لَكِنْ لَوِ انْتَقَلَ إِلَى سِنِينَ جَازَ أَنْ يُعْطِيَ شَاتَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُ نَفْسِهِ، كَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فَكَفَّرَ عَنْ أحديهما بالكسوة وعن الأخرى بالإطعام ".

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إِلَّا بِالْحَوْلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>