وَأَمَّا الْإِبِلُ الَّتِي فَرِيضَتُهَا مِنْهَا: فَكَرَجُلٍ مَعَهُ خمسة وَثَلَاثُونَ مِنَ الْإِبِلِ حَالَ حَوْلُهَا، ثُمَّ تَلِفَ منها قبل الإمكان عشرة، وَبَقِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْإِمْكَانَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ فَعَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الضَّمَانِ: فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ بِنْتَ مَخَاضٍ وَجَبَتْ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهَا عَفْوٌ، فَعَلَيْهِ أَيْضًا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا وَجَبَتْ فِي الْخَمْسِ وَالثَّلَاثِينَ فَعَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ بِنْتِ مَخَاضٍ، لِبَقَاءِ خَمْسَةِ أسباع المال، وفي قدر زكاتها وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِنْتُ مَخَاضٍ.
وَالثَّانِي: خَمْسَةُ أَسْبَاعِ بِنْتِ مَخَاضٍ فَلَوْ حَالَ حَوْلُهُ عَلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ تَلِفَ مِنْهَا قَبْلَ الإمكان خمسة عشر وبقي خمس وعشرون، فَفِي قَدْرِ زَكَاتِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَرْبَعُ شِيَاهٍ، إِذَا قِيلَ إِنَّ الْإِمْكَانَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ.
وَالثَّانِي: أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، إِذَا قيل إن الإمكان من شرائط الضمان وإن بِنْتَ مَخَاضٍ وَجَبَتْ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ.
وَالثَّالِثُ: أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ بِنْتِ مَخَاضٍ، إِذَا قِيلَ إِنَّهَا وجبت في خمس وثلاثين لبقاء أربعة أتساع الْمَالِ وَعَلَى هَذَا، وَقِيَاسُهُ يَكُونُ جَوَابُ مَا يَتَفَرَّعُ مِنَ الْمَسَائِلِ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ وَبِاللَّهِ تعالى التوفيق.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعُ حِقَاقٍ مِنْهَا خَيْرًا مِنْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ أَخَذَهَا الْمُصَدِّقُ وإن كانت خمس بنات لبون خيراً منها أَخَذَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِبِلَ إِذَا بَلَغَتْ مائتين إِمَّا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَالِ إِلَّا أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ أَخَذَهُ الْمُصَدِّقُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، لَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ، حِقَاقًا كَانَتْ أَوْ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَأَمَّا إِذَا اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ مَعًا فِي الْمَالِ: فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْفَرْضَ فِي أَحَدِهِمَا إِمَّا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلًا ثَانِيًا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ كَلَامٍ ذَكَرَهُ فِي الْقَدِيمِ: إِنَّ الْمُصَدِّقَ يَأْخُذُ الْحِقَاقَ لَا غَيْرَ، وَلَيْسَ تَخْرِيجُ هَذَا الْقَوْلِ صَحِيحًا، بَلْ مَذْهَبُهُ فِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي جَوَازِ أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرْضَيْنِ مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ، لِتَعْلِيقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفَرْضَ بِهِمَا، ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَى الْمُصَدِّقِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَخْذِ أَفْضَلِهِمَا، فَإِنْ كَانَتِ الْحِقَاقُ أَفْضَلَ أَخَذَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَنَاتُ لَبُونٍ أَفْضَلَ أَخَذَهَا وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يمنعه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute