للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ رَهْنٌ بِحَالِهِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى جِنَايَتِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ حَلَفَ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدِهِ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِهِ مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ جِنَايَتَهُ وَيَكُونُ مَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ رَهْنًا. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ إِقْرَارَ الرَّاهِنِ إِنَّمَا نَفَذَ فِي الْجِنَايَةِ بِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ مِنْهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الراهن لو أقر بالجناية ولم يدعيها الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ الرَّاهِنُ بِحَالِهِ لَا يَبْطُلُ بِإِقْرَارِهِ. وَإِذَا كَانَ إِقْرَارُهُ إِنَّمَا نَفَذَ لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا فَضَلَ مِنْ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يَنْفُذُ إِقْرَارُهُ فِيهِ وَيَكُونُ رَهْنًا بِحَالِهِ فَلَوْ لَمْ يُمَكَّنْ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ بِيعَ جَمِيعُهُ. وَدُفِعَ مِنْ ثَمَنِهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَكَانَ الْفَاضِلُ مِنْهُ رَهْنًا مَكَانَهُ أَوْ قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ.

فَأَمَّا إِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ مِنْ جِنَايَتِهِ فَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى قِيمَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَإِنْ زَادَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى قِيمَتِهِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ. فَإِنْ فَدَاهُ فَهَلْ يَكُونُ عَلَى حَالِهِ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا. عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ فِي الْفَاضِلِ عَنْ جِنَايَتِهِ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهَا أَمْ لَا:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ.

وَالثَّانِي: قَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ فَلَا يَعُودُ إِلَيْهِ إِلَّا بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ عَلَى الرَّاهِنِ الْيَمِينَ فَنَكَلَ عَنْهَا وَجَبَ رَدُّهَا وَفِيمَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تُرَدُّ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَرْشَ صَائِرٌ إِلَيْهِ. فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَأُخْرِجَ عَنِ الرَّهْنِ لِيُبَاعَ فِي الْأَرْشِ عَلَى مَا مَضَى. وَإِنْ نَكَلَ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِحَالِهِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْأَرْشِ عَلَى مَا مَضَى لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لَوْ حَلَفَ فَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنَ الرَّهْنِ وَعَادَ إِلَى الرَّاهِنِ وَجَبَ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ لِيَسْتَوْفِيَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ مِنْهُ. وَإِنْ بِيعَ فِي الرَّهْنِ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى الرَّاهِنِ بَطَلَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ نُكُولَ الرَّاهِنِ يُوجِبُ نَقْلَ الْيَمِينِ مِنْ جِهَتِهِ إِلَى جِهَةِ مَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ فَلَمْ يَجُزْ رَدُّهَا إِلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَتِهِ فَوَجَبَ رَدُّهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَتِهِ. فَعَلَى هَذَا إِنْ حَلَفَ المرتهن حلف على العام لِأَنَّ يَمِينَهُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَكَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا فِي يَدِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>