للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: اسْتِعْمَالُ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَقَسْمُ النِّصْفِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ رُبُعُهَا، وَصَاحِبُ الْيَدِ مَدْفُوعٌ بِهَا.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ الشَّافِعِيُّ: " أُبْطِلُ دَعْوَاهُمَا فِي النِّصْفِ، وَأَقْرَعُ بَيْنَهُمَا " اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فَقَالَ: كَيْفَ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِيمَا قَدْ أَبْطَلَ فِيهِ دَعْوَاهُمَا، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ فَاسِدٌ، وَلِأَصْحَابِنَا عَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَبْطَلَ دَعْوَاهُمَا فِي النِّصْفِ الْحَاصِلِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ قَدْ خَلُصَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ فِيهِ، وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، وَلَمْ تُبْطَلْ دَعْوَاهُمَا فِيهِ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَبْطَلَ دَعْوَاهُمَا إِذَا أَسْقَطَ بَيْنَتهُمَا، وَيَقْرَعُ بَيْنَهُمَا إِنْ لَمْ يُسْقِطْهُمَا، وَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ، أُبْطِلُ دَعْوَاهُمَا، أَوْ أَقْرَعُ بَيْنَهُمَا، لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي تَعَارُضِهِمَا.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ، فَادَّعَاهَا طَالِبٌ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ أَجَّرَهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ، أَوْ أَوْدَعَهَا، وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكَهُ حَكَمْنَا بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ الْمُدَّعِي عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ صَاحِبِ الْيَدِ، لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ لَمَّا شَهِدَتْ لَهُ، بِأَنَّهُ آجَرَهُ إِيَّاهَا أَوْ أَوْدَعَهَا صَارَتِ الْيَدُ لَهُ، فَصَارَ الدَّاخِلُ خَارِجًا، وَالْخَارِجُ دَاخِلًا. وَلَوْ تَدَاعَاهَا رَجُلَانِ، وَهِيَ فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ أَجَّرَهُ إِيَّاهَا، وَأَقَامَ الْآخَرُ أَنَّهَا لَهُ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا صَارَتِ الْيَدُ لَهُمَا بِمَا شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ مؤجر، وَلِلْآخَرِ أَنَّهُ مُودِعٌ، فَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةُ دَاخِلٍ فِي النِّصْفِ الْمُضَافِ إِلَى يَدِهِ، وَبَيِّنَةُ خَارِجٍ فِي النِّصْفِ الْمُضَافِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهِ، وَقَدْ تَعَارَضَتْ فِيهِ الْبَيِّنَتَانِ، فَإِنْ أُسْقِطَتَا، صَارَتِ الدَّارُ بَيْنَهُمَا يَدًا إِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَإِنْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، جَعَلْتُ لِمَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَتَا فِي الْقِسْمَةِ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا مِلْكًا.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ فِي يَدِ مَنْ يَدَّعِيهَا مِلْكًا، فَنَازَعَهُ فِيهَا رَجُلَانِ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الْأَوَّلِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ فَلَا تُمْنَعُ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ أَنْ تَكُونَ لَهُ مِلْكًا قَبْلَ ذَلِكَ. بِخَمْسِ سِنِينَ، فَلِذَلِكَ سُمِعَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَوَجَبَ بِهَا انْتِزَاعُهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي الثَّانِي أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنَ الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ بَاعَهَا وَكَانَ مَالِكًا لَهَا، حُكِمَ بِهَا لِلثَّانِي مِلْكًا، فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهَا وَكَانَتْ فِي يَدِهِ، حُكِمَ بِهَا لِلثَّانِي ابْتِيَاعُهَا فَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْيَدِ أَنَّهَا لِمَالِكٍ، فَتُسَلَّمُ الدَّارُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ إِلَى الْمُدَّعِي الثَّانِي وَتُرْفَعُ عَنْهَا يَدُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>