للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى غَيْرِهِ أَقَلُّ مَا يُوجَدُ أَحَدٌ يَحُجُّ بِهِ وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ وَتَعُودُ إِلَى التَّرِكَةِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ لِشَخْصٍ لَمْ يَقْبَلْهَا كَمَنْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ عَلَى زَيْدٍ بِمِائَةٍ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ عَلَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ فَامْتَنَعَ زَيْدٌ مِنَ ابْتِيَاعِهِ بِيعَ عَلَى غَيْرِهِ بِالْمِائَتَيْنِ وَلَمْ يُبَعْ عَلَى غَيْرِهِ بِالْمِائَةِ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ قَدْ كَانَتْ وَصِيَّةً لِشَخْصٍ لَمْ يَقْبَلْهَا فَبَطَلُ حُكْمُهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُصْرَفَ إِلَى غَيْرِهِ جَمِيعُ الْمِائَةِ وَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا صَرْفُ جَمِيعِهَا فِي الْحَجِّ وَالتَّعْيِينُ يُسْتَفَادُ بِهِ تَقْدِيمُ الْمُسْتَحِقِّ وَالْأَوَّلُ أَقِيسُ وَبِنَصِّ الشَّافِعِيِّ أَشْبَهُ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ وَارِثًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحُجَّ بِهَا لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ عَلَى مَا مَضَى.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُعَيِّنَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَلَا يُعَيِّنَ الْقَدْرَ الَّذِي يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحِجُّوا عَنِّي فَالْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلًا يَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلِّ مَا يُوجَدُ أَحَدٌ يَحُجُّ بِهِ وَيَكُونَ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِنَّ حَجَّ بِذَلِكَ وَارِثٌ جَازَ فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ مَا كَانَ مَحِلُّهُ فِي الثُّلُثِ وَصِيَّةً وَالْوَصِيَّةُ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ فَهَلَّا مَنَعْتُمُوهُ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ إِنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَلَيْسَ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يعارض عَلَى مَا يُنَفَّذُ فِي الْوَصَايَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَصَّى بِابْتِيَاعِ عَبْدٍ يُعْتَقُ عَنْهُ أَوْ طَعَامٍ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ جَازَ أَنْ يُبْتَاعَ ذَلِكَ مِنَ الْوَارِثِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحِلُّهُ فِي الثُّلُثِ فَهُوَ لَيْسَ يَأْخُذُهُ وَصِيَّةً وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ مُعَاوَضَةً فَكَذَلِكَ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ عِوَضًا من عمله.

والقسم الثالث: أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَلَا يُعَيِّنَ الْقَدْرَ الَّذِي يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ يقول: أحجوا عني زيد فَالْوَاجِبُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى زَيْدٍ أَقَلَّ مَا يُوجِبُ مَنْ يَحُجُّ بِهِ وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ فَإِنِ امْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ فَفِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ وَجْهَانِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يُعَيِّنَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيُعَيِّنَ الْقَدْرَ الَّذِي يُحَجُّ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحِجُّوا عَنِّي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَتُصْرَفُ إِلَى غَيْرِ وَارِثٍ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ فَإِنْ عُرِضَتْ عَلَى شَخْصٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا نُقِلَتْ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي مَنْ يَرْضَاهُ فُلَانٌ فَرَضِيَ فُلَانٌ إِنْسَانًا كَانَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ الْمُوصِي فَإِنْ كَانَ فِي حَجٍّ وَاجِبٍ كَانَ كَالْمُعَيَّنِ فِي حَجٍّ وَاجِبٍ فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ كَانَ فِي تَطَوُّعٍ كَانَ كَالْمُعَيَّنِ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ فَيَكُونُ عَلَى مَا مَضَى.

فَصْلٌ

: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ وَاحِدٍ يَحُجُّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِينَارٍ فَحَجَّ عَنْهُ غَيْرُ وَارِثٍ فَلَهُ مِائَةٌ وَإِنَّ حَجَّ عَنْهُ وَارِثٌ فَلَهُ أَقَلُّ مَا يُوجَدُ بِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مَرْدُودٌ، لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ.

فَصْلٌ

: إِذَا قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي حِجَجًا بِأَلْفِ دِينَارٍ فَيَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ أَكْثَرَ مَا يُمْكِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>