للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ فَمَتَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحَقُّ الَّذِي أَحَالَ بِهِ عَلَيْهِ، فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مِنْ تَحَوُّلِ الْحَقِّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ وَاجِبًا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ وَاجِبًا لِلْمُحْتَالِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ وَتَجْرِي مَجْرَى الضَّمَانِ لِأَنَّهَا وَثِيقَةٌ فَعَلَى هَذَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِقَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْحَوَالَةِ قَبْلَ أَدَائِهَا، فَإِنْ أَدَّاهَا بِأَمْرٍ رَجَعَ بِهَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ صِحَّةَ الْحَوَالَةِ مُعْتَبَرَةٌ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ هِيَ بَيْعٌ أَوْ عَقْدُ إِرْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ، عَلَى وَجْهَيْنِ

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ السَّلَمِ إِنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ قَدْ عَاوَضَ عَلَى ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهَا عَقْدُ مَعُونَةٍ وَإِرْفَاقٍ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنَ الْبُيُوعِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ.

فَإِذَا قِيلَ إِنَّهَا بَيْعٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ هِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بَدَيْنٍ يَخْتَصُّ بِالشَّرْعِ أَوْ بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ عَلَى وَجْهَيْنِ: ثُمَّ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا يَدْخُلُهَا خِيَارُ الثَّلَاثِ فَأَمَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَعَلَى الوجه الذي نقول إِنَّهَا عَقْدُ مَعُونَةٍ وَإِرْفَاقٍ لَا يَدْخُلُهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ مَوْضُوعٌ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَبْنِ في عقود المعاوضات وعلى الوجه الذي نقول إِنَّهَا [عَقْدُ بَيْعٍ فَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ

أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَهَذَا على الوجه الذي نقول إِنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.

وَالثَّانِي: يَدْخُلُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ إِذَا قِيلَ] إِنَّهَا بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ هَلْ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ فِيهَا وَالضَّمَانِ أَمْ لَا فِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ إِنْ قِيلَ إِنَّهَا بَيْعُ عَيْنٍ بِدَيْنٍ.

وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ إِنْ قِيلَ إِنَّهَا بيع دين بدين.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَفِي هَذَا دَلَالَة أَنَّ الْحَقَّ يَتَحَوَّلُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ مِنْهُ الْمُحِيلُ فَلَا يَرْجِعُ عليه أبدا كان المحال عَلَيْهِ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>