للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الْقَوْلُ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الزَّوْجَةِ)

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلِخَادِمِهَا مِثْلُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا إِذَا كَانَ مِثْلُهَا مَخْدُومًا وَأَخْدَمَهَا مَمْلُوكًا لَهَا أَوْ لَهُ، فَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ نَفَقَتُهُ. لَكِنْ إِنْ كَانَ الْخَادِمُ لَهُ فَنَفَقَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَتِهِ كَسَائِرِ مَمَالِيكِهِ وَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ مَمْلُوكًا لَهَا فَنَفَقَتُهُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسْبِ حَالِ الزَّوْجِ فِي يَسَارِهِ وَإِقْتَارِهِ وَتَوَسُّطِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ مُدَّانِ، فَتَكُونُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا مُدًّا وَثُلُثًا، لِكَوْنِهِ تَابِعًا لَهَا فَلَمْ يَتَسَاوَيَا فِيهَا، وَلَمْ يُعْطَ مُدًّا وَنِصْفًا لِئَلَّا يُسَاوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَةِ الْمُتَوَسِّطِ، وَاقْتُصِرَ بِهِ عَلَى مُدٍّ وَثُلُثٍ وَهُوَ ثُلُثَا نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْمُوسِرِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُتَوَسِّطًا وَنَفَقَةُ زَوْجَتِهِ مُدٌّ وَنِصْفٌ فَنَفَقَةُ خَادِمِهَا مُدٌّ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ ثُلُثَا نَفَقَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا وَنَفَقَةُ زَوْجَتِهِ مُدٌّ وَاحِدٌ. فَنَفَقَةُ خَادِمِهَا مُدٌّ وَاحِدٌ، وَقَدْ كَانَ الِاعْتِبَارُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا مُدٍّ وَلَا يُسَاوَى بَيْنَهُمَا، لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بَدَنٌ فِي الْأَغْلَبِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ كَامِلٍ فَسَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا فِيهِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى التَّسْوِيَةِ كَالْعَدَدِ وَالْحُدُودِ تَنْقُصُ بِالرِّقِّ عَنْ حَالِ الْحُرِّيَّةِ فِيمَا تَبَعَّضَ مِنَ الْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ وَالْجَلْدِ وَسُوِّيَ بَيْنُهَمَا فِيمَا لَمْ يَتَبَعَّضْ مِنَ الْحَمْلِ وَقَطْعِ السَّرِقَةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَمَكِيلَةٌ مِنْ أُدْمِ بِلَادِهَا زَيْتًا كَانَ أَوْ سَمْنًا بِقَدْرِ مَا يَكْفِي مَا وَصَفْتُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْأُدْمُ فَمِنَ الْمَعْرُوفِ الْمَأْلُوفِ، لِأَنَّ الطعام لا ينساغ أَكْلُهُ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا بِهِ. فَأَوْجَبْنَاهُ لَهَا عُرْفًا، وَإِذَا كَانَ أُدْمُهَا مُسْتَحَقًّا فَقَدْ جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ دُهْنًا، وَهَذَا خَارِجٌ مِنْهُ عَلَى عُرْفِ الْبِلَادِ الَّتِي يَتَأَدَّمُ أَهْلُهَا بِالدُّهْنِ، وَمِنَ الْبِلَادِ مَا يَتَأَدَّمُ أَهْلُهَا بِاللَّحْمِ فَيَكُونُ أُدْمُهَا لَحْمًا، وَمِنْهَا مَا يَتَأَدَّمُ أَهْلُهَا بِالسَّمَكِ فَيَكُونُ أُدْمُهَا سَمَكًا، وَمِنْهَا مَا يَتَأَدَّمُ أَهْلُهَا بِاللَّبَنِ فَيَكُونُ أُدْمُهَا لَبَنًا، وَنَحْنُ نِصْفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ إِدَامِ الدُّهْنِ، وَيَكُونُ مَا عَدَاهُ بِقِيَاسِهِ فَالْبِلَادُ الَّتِي يَتَأَدَّمُ أَهْلُهَا بِالدُّهْنِ يَخْتَلِفُ جِنْسُهُ بِاخْتِلَافِ عُرْفِ الْبِلَادِ. فَإِدَامُ أَهْلِ الْحِجَازِ السَّمْنُ وَإِدَامُ أَهْلِ الشَّامِ الزَّيْتُ وَإِدَامُ أَهْلِ الْعِرَاقِ الشَّيْرَجُ، فَيُعْتَبَرُ جِنْسُهُ بِعُرْفِ الْبَلَدِ مِنْ سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ شَيْرَجٍ، فَأَمَّا مِقْدَارُهُ فَمُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ الْمُسْتَعْمَلِ. فَيُقَالُ كَمْ يَكْفِي إِدَامُ كُلِّ مُدِّ طَعَامٍ مِنَ الدُّهْنِ. فَإِذَا قِيلَ كُلُّ مد يكتفي في آدامه بأوقية من دم جَعَلْتَ ذَلِكَ قَدْرًا مُسْتَحَقًّا فِي إِدَامِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهَا مُدَّانِ مِنْ حَبٍّ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِإِدَامِهَا أُوقِيَّتَانِ مِنْ دُهْنٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا تَجِبُ عَلَيْهِ مُدٌّ وَنِصْفٌ. وَجَبَ لِإِدَامَهَا أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ، وَإِنْ كَانَ مقتراً وجب عليه مد وجب لإدامه أُوقِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ إِدَامُ خَادِمِهَا تُعْتَبَرُ بِقُوتِهِ مِنَ الْحَبِّ. فَإِنْ كَانَ لَهُ مُدٌّ وَثُلُثٌ مِنَ الْحَبِّ، كَانَ لَهُ أُوقِيَّةٌ وَثُلُثٌ مِنَ الدُّهْنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُدٌّ مِنَ الْحَبِّ كَانَ لَهُ أُوقِيَّةٌ مِنَ الدُّهْنِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>