للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب جزاء الطائر]

(قال الشافعي) : " وَالطَّائِرُ صِنْفَانِ حمامٌ وَغَيْرُ حمامٍ فَمَا كَانَ مِنْهَا حَمَامًا فَفِيهِ شاةٌ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عباسٍ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَرْثِ وَابْنِ عُمَرَ وَعَاصِمِ بِنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّيْدَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: دَوَابُّ وَطَائِرٌ، فَأَمَّا الدَّوَابُّ فَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا، وَأَمَّا الطَّائِرُ فَضَرْبَانِ: مَأْكُولٌ وَغَيْرُ مَأْكُولٍ. فَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ: فَيَأْتِي. وَأَمَّا الْمَأْكُولُ: فعلى ثلاث أَضْرُبٍ:

حَمَامٌ، وَدُونَ الْحَمَامِ، وَفَوْقَ الْحَمَامِ.

فَأَمَّا الحمام فهو عند العرب معروف، ك " القمارى " والدباسي، والفواخت والوارشين، وَكَذَلِكَ الْيَمَامُ كَالْحَمَامِ، وَالْحَمَامُ عِنْدَ الْعَرَبِ: مَا كَانَ مُطَوَّقًا وَالْيَمَامُ: مَا لَمْ يَكُنْ مُطَوَّقًا، وَكِلَاهُمَا فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَعَامَّةُ الْحَمَامِ مَا وَصَفْتُ مَا عَبَّ فِي الْمَاءِ عَبًّا مِنَ الطَّيْرِ فَهُوَ حَمَامٌ، وَمَا شُرْبُهُ قَطْرَةٌ قَطْرَةٌ كَشُرْبِ الدَّجَاجِ فَلَيْسَ بِحَمَامٍ.

وَجُمْلَتُهُ: أَنَّ كُلَّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ وَزَقَّ فَرْخَهُ فَهُوَ حَمَامٌ، وَالْيَمَامُ مِثْلُهُ.

وَالْعَبُّ هُوَ: أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ دَفْعَةً وَاحِدَةً.

وَالْهَدْرُ هُوَ: أَنْ يُوَاصِلَ صَوْتَهُ.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَمَامَ هُوَ مَا وَصَفْتُ، فَإِذَا أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ أَوِ الْإِحْرَامِ، فَفِيهِ شَاةٌ، وَقَالَ أبو حنيفة: فِي الْحَمَامِ قِيمَتُهُ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ: مَا رُوِيَ عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَرْثِ قَالَ: قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَكَّةَ فَدَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ فِي يَوْمِ جمعةٍ، وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَقْرِبَ مِنْهَا الرَّوَاحَ إِلَى الَمَسْجِدِ، فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَلَى واقفٍ فِي الْبَيْتِ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ طيرٌ مِنْ هَذَا الْحَمَامِ، فَأَطَارَهُ فَانْتَهَزَتْهُ حيةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَلَمَّا صَلَّى الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ أَنَا وَعُثْمَانُ فَقَالَ: " احْكُمَا عَلَيَّ فِي شَيْءٍ صَنَعْتُهُ الْيَوْمَ، إِنِّي دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَقْرِبَ منها

<<  <  ج: ص:  >  >>