بِالْمُبَاشَرَةِ، عَلَى عِتْقِ غَانِمٍ الْمُعْتَقِ بِالصِّفَةِ، لِأَنَّ عِتْقَ الْمُبَاشَرَةِ، أَصْلٌ وَعِتْقَ الصِّفَةِ فَرْعٌ، فَكَانَ حُكْمُ الْأَصْلِ، أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْفَرْعِ، فَسَوَّى بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالَّتِي تَقَدَّمَتْ.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ، يَا سَالِمُ إِذَا تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً، فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ عَلَى صَدَاقٍ أَلْفٍ، ومهر مثلها خمس مائة، وقيمة سالم خمس مائة، وثلث ماله خمس مائة دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ وَارِثَةً، بَطَلَتِ الْمُحَابَاةُ فِي صَدَاقِهَا، لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ، وَعَتَقَ سَالِمٌ لِأَنَّهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ.
وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ كَانَتْ أَحَقَّ بِالثُّلُثِ، فِي مُحَابَاةِ صَدَاقِهَا مِنَ الْعِتْقِ، وَرَقَّ سَالِمٌ، لِأَنَّ صِفَةَ عِتْقِهِ، تَقْدُمُ النِّكَاحَ، فَصَارَتِ الْمُحَابَاةُ فِيهِ أَسْبَقَ من العتق.
ولو قال: إذا تزوجت فلانة أنت حُرٌّ فِي حَالِ تَزَوُّجِي لَهَا: فَإِنْ وَرِثَتِ الزَّوْجَةُ: عُتِقَ سَالِمٌ، وَإِنْ لَمْ تَرِثْ فَعَلَى قولي ابن سريج وأبي حامد جميعا، يكون سَهْمًا لأنه مثل قيمة العبد وللورثة سهمين، ثم اجمع السهام تكن أربعة، وتقسم التركة عليها، وهي ثلثمائة درهم، يكن قسط كل سهم خمسة وسبعين درهما، وهو سهم العتق، فأعتق منه بخمسة وسبعين درهما، تكن ثلاثة أرباعه، فيصير ثلاثة أرباعه حرا، ويأخذ من التركة ثلاثة أرباع أرش جنايته، وذلك خمس وسبعون درهما، ويبقى مع الورثة مائة وخمسة وعشرين درهما وربع العبد بخمسة وعشرين درهما وهو مثلا ما خرج بالعتق.
فلو كانت المسألة بحالها وكان أرش الجناية ثلاثمائة درهم، جعلت للعتق سهما، وللأرش ثلاثة أسهم، لأنه ثلاثة أمثال قيمة العبد، وللورثة سهمين يكن الجميع ستة أسهم، ثم قسمت التركة، وهي ثلاثمائة درهم، على ستة أسهم تكن حصة كل سهم خمسين درهما، وهو سهم العتق فاعتق منه بالخمسين درهما، تكن نصفه، فيصير نصفه حرا، ونصفه رقا، ونأخذ من التركة نصف أرش جنايته وذلك مائة درهم وخمسون درهما، ويبقى مع الورثة خمسون درهما ونصف العبد خمسين درهما، يصير الجميع مائة درهم، وذلك مثلي ما خرج بالعتق. والله أعلم.
الثُّلُثُ فِي الْمُحَابَاةِ وَالْعِتْقُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، لِأَنَّ صِفَةَ الْعِتْقِ، وُجُودُ النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحُ قَدْ كَمُلَ، وَإِنْ بَطَلَتْ بَعْضُ مُحَابَاتِهِ. وَلَيْسَ كَالْعِتْقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِالدَّوْرِ
وَإِذَا أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرَقَّ ثُلُثَاهُ.
فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ عِتْقَ ثُلُثَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ إِنَّ إِجَازَتَهُمْ تَنْفِيذٌ وَإِمْضَاءٌ، لَمْ يَحْتَجِ الْوَارِثُ مَعَ الْإِجَازَةِ، أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالْعِتْقِ، وَكَانَ وَلَاءُ جَمِيعِهِ لِلْمُعْتِقِ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ إِجَازَتَهُمُ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ، لَمْ يُعْتَقْ بِالْإِجَازَةِ إِلَّا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِعِتْقِهِ، أَوْ يَنْوِيَ بِالْإِجَازَةِ الْعِتْقَ. لِأَنَّ الْإِجَازَةَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ. ثُمَّ قَدْ صَارَ جَمِيعُهُ حُرًّا، وَوَلَاءُ ثُلُثِهِ