وَقَالَ مَالِكٌ: الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ أَفْضَلُهَا، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَفْضَلُ الذَّبْحِ الْجَذَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا لَفَدَى بِهِ إِسْحَاقَ، وَلِأَنَّهَا أَطْيَبُ لَحْمًا وَأَشْهَى إِلَى النُّفُوسِ فَكَانَتْ أَفْضَلَ ".
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} (الحج: ٣٦) .
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَكْرِمُوا الْإِبِلَ فَإِنَّ فِيهَا رَقْوَ الدَّمِ ".
وَرَوَى جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ "، وَلِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْإِبِلِ عَنْ سَبْعَةٍ فَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَذَعِ الضَّأْنِ الَّذِي هُوَ عَنْ وَاحِدٍ. فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: " أَفْضَلُ الذَّبْحِ الْجَذَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ "، فَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْزِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُضَحُّونَ بِالْغَنَمِ وَيُهْدُونَ الْإِبِلَ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الثَّنِيَّ مِنَ الْإِبِلِ أَفْضَلُ فَهُوَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَحْرِهِ، فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَكَ فِيهِ سَبْعَةٌ لِيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُضَحِّيًا بِسُبُعِهَا كَانَتِ الْجَذَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ أفضل من سبعها.
[(مسألة:)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْعَفْرَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ السَّوْدَاءِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، أَوَّلُ مَا يُضَحَّى بِهِ مِنْ أَلْوَانِ الْغَنَمِ الْبِيضُ، ثُمَّ الْعُفْرُ، ثُمَّ الْحُمْرُ، ثُمَّ الْبُلْقُ، ثُمَّ السَّوَادُ فَتَكُونُ الْبِيضُ وَمَا قَارَبَهَا مِنَ الْأَلْوَانِ أَفْضَلَ مِنَ السَّوَادِ لرِوَايَة يَحْيَى بْنِ أَبِي وَرَقَةَ عَنْ مَوْلَاتِهِ كَبِيرَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَبْرِقُوا فَإِنَّ دَمَ عَفْرَاءَ أَذْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ ".
وَفِي قَوْلِهِ: أَبْرِقُوا أَيْ ضَحُّوا بِالْبَرْقَاءِ وَهِيَ الشَّاةُ الَّتِي يَخْتَلِطُ بِبَيَاضِ صُوفِهَا طَاقَاتٌ سُودٌ وَالْعَفْرَاءُ الَّتِي يَضْرِبُ لَوْنُهَا إِلَى الْبَيَاضِ وَلَيْسَتْ صَافِيَةَ الْبَيَاضِ، وَمِنْهُ قِيلٌ لِلطُّنُبِ الْعُفْرُ.
وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً شَكَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ لَا يُبَارَكُ لَهَا فِي غَنَمِهَا فَقَالَ: " مَا أَلْوَانُهَا قَالَتْ: سودٌ فَقَالَ لَهَا عَفِّرِي " أَيِ اخْلِطِيهَا بعفرٍ، وَلِأَنَّ لُحُومَ مَا خَالَفَ السَّوَادَ أَطْيَبُ وَأَصَحُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute