للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَكْوَعِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَخْرُجُ إِلَى الصَيْدِ فَأُصَلِّي وَلَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " زره عليه أو اربط بِشَوْكَةٍ " فَدَلَّ أَمْرُهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لا يجزئ إِلَّا بِهِ فَأَمَّا قَوْلُ أبي حنيفة لَا اعْتِبَارَ بِالطَّرَفَيْنِ إِذَا سَتَرَ مَا قَابَلَ عَوْرَتَهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ سَوْأَتَهُ لَوْ شُوهِدَتْ مِنْ أَعْلَى الْمِئْزَرِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ، وَإِنْ شُوهِدَتْ مِنْ أَسْفَلِهِ أَجْزَأَتْهُ فَافْتَرَقَ حُكْمُ الطَّرَفَيْنِ فِي سَتْرِهَا، فَلَوْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ لَمْ يَزِرَّهُ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَا لِحْيَةٍ قَدْ غَطَّتْ مَوْضِعَ إِزْرَارِهِ وَسَتَرَتْ مَا يَظْهَرُ مِنْ عَوْرَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ

(فَصْلٌ)

: وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَعَ الرِّجَالِ كَعَوْرَتِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وركبتيه، وَكَذَلِكَ عَوْرَتُهُ مَعَ النِّسَاءِ إِلَّا مَعَ زَوْجَتِهِ أمته فَلَا عَوْرَةَ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ أَرَادَ النَّظَرَ إِلَى عَوْرَتِهِ، أَوْ أَرَادَ كَشْفَهَا فِي بَيْتِهِ حَيْثُ لَا يِرَاهُ أَحَدٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إِذْ لَا عَوَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لَهُ

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَحْنِي أَحَدُكُمْ بِثَوْبِهِ مُفْضِيًا بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَحْيُوا مِنْهُ "، فَعَلَى هَذَا لَوْ تَجَرَّدَ فِي الْمَاءِ فِي نَهْرٍ، أَوْ غَدِيرٍ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، لِأَنَّ الْمَاءَ يَقُومُ مَقَامَ الثَّوْبِ فِي سَتْرِ عَوْرَتِهِ

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى أَنْ يُنْزَلَ الْمَاءُ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ وَقَالَ: " إِنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا "

وَعَوْرَةُ الْعَبْدِ كَعَوْرَةِ الْحُرِّ، وَعَوْرَةُ الذِّمِّيِّ كَعَوْرَةِ الْمُسْلِمِ

فَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَعَوْرَتُهُ فِي صَلَاتِهِ وَمَعَ الرِّجَالِ كَعَوْرَةِ النِّسَاءِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: آمُرُهُ بِلُبْسِ الْقِنَاعِ، وَأَنْ يَقِفَ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

وَأَمَّا الْأَطْفَالُ فَلَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِمْ فِيمَا دُونَ سَبْعٍ، فَلَوْ بَلَغَ الْغُلَامُ عَشْرَ سِنِينَ، وَالْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ كَانَا كَالْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي حُكْمِ الْعَوْرَةِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، لِأَنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>