تَجِبُ لِلصَّلَاةِ، لِأَنَّ تَرْكَ الرِّدَّةِ وَاجِبٌ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ، وَلِلصَّلَاةِ وَالْإِيمَانُ وَاجِبٌ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَلِلصَّلَاةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَاقْتَضَى بَدَلًا يَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ فَيَبْطُلُ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِلصَّلَاةِ وَلَا بَدَلَ لَهُ
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى تَقْدِيرِ الْعَوْرَةِ وَتَحْدِيدِهَا فَنَبْدَأُ بِعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ لِبِدَايَةِ الشَّافِعِيِّ بِهَا، فَالْمَرْأَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا إِلَى آخِرِ مَفْصِلِ الْكُوعِ وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: الْعَوْرَةُ هِيَ السَّوْأَتَانِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ جَمِيعُ الْمَرْأَةِ مَعَ كَفَّيْهَا وَوَجْهِهَا عَوْرَةٌ فَأَمَّا داود فاستدل بقوله تعالى: {فبدت لهما سوأتاهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} قَالَ: فَلَمَّا غَطَّيَا الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ عَلِمَ أَنَّ مَا سِوَاهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَبِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ جَالِسًا فِي بَعْضِ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ وَفَخِذُهُ مَكْشُوفَةٌ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يُغَطِّهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يُغَطِّهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ رَضِيَ الله عنه فغطاه رسول الله فَقِيلَ لَهُ: سَتَرْتَهُ مِنْ عُثْمَانَ وَلَمْ تَسْتُرْهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: " أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ " قَالُوا: فَلَوْ كَانَ الْفَخِذَانِ عَوْرَةً مَا اسْتَحْسَنَ وَلَا اسْتَجَازَ كَشْفَهُ بِحَضْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَالدِّلَالَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْهَا الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ
وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَارٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي قَدَمَيْهَا
وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَ بِئْرِ حَمْلٍ وَأَنَا مَكْشُوفُ الْفَخِذِ فَقَالَ: " غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّهَا عَوْرَةٌ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute