عَلَيْهِمَا، وَإِنِ اسْتَعْلَوْا بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، وَإِنْ مُنَعُوا مِنَ اسْتِحْدَاثِهَا، لَكِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ لَا يَعْلُوا عَلَى سُطُوحِهَا إِلَّا بَعْدَ تَحْجِيرِهَا، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرِ الْمُسْلِمُ بِتَحْجِيرِ سَطْحِهِ مِنْ جَارِهِ، وَيُمْنَعُ صِبْيَانُهُمْ مِنَ الْإِشْرَافِ، وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ صِبْيَانُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْإِشْرَافِ، فَيَصِيرُوا مَأْخُوذِينَ مِنَ الْمَنْعِ مِنْ إِشْرَافِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُؤْخَذُ الْمُسْلِمُ بِالْمَنْعِ منْ إِشْرَافِهِ عَلَى جَارِهِ الْمُسْلِمِ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّحْجِيرِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ الْمُسْلِمُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَأْمُونٌ وَهُمْ غَيْرُ مَأْمُونِينَ.
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يُعِيدُوا أَبْنِيَةَ مَسَاكِنِهِمْ بَعْدَ اسْتِهْدَامِهَا، فَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ كَالْمُسْتَأْنِفِينَ لِبِنَائِهَا، فَيُمْنَعُوا مِنَ الِاسْتِعْلَاءِ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَتْ عَالِيَةً قَبْلَ هَدْمِهَا، وَهَذَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُمْنَعُونَ مِنْ إِعَادَةِ بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ إِذَا اسْتُهْدِمَتْ فَأَمَّا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَرْتَفِقُوا فِي أَبْنِيَتِهِمْ بِإِخْرَاجِ الرَّوَاشِينَ وَالْأَجْنِحَةِ إِلَى طُرُقِ السَّابِلَةِ فَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُمْنَعُونَ ارْتِفَاقَهُمْ بِهَا كَالْمُسْلِمِينَ، لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي اسْتِطْرَاقِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُمْنَعُونَ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا الْمُسْلِمُونَ، لِأَنَّهَا طُرُقُ الْمُسْلِمِينَ دُونَهُمْ كمَا يُمْنَعُونَ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ الَّذِي لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي آثَارِ حُشُوشِهِمْ إِذَا أَرَادُوا حَفْرَهَا فِي أَفَنِيَةِ دُورِهِمْ كَانَ عَلَى هَذَيْنِ الوجهين:
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وَأَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ هَيْئَتِهِمْ فِي الْمَلْبَسِ وَالْمَرْكَبِ وبين هيآت الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَعْقِدُوا الزَّنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي هَيْئَاتِ الْمَلْبَسِ وَالْمَرْكَبِ، فَيُؤْخَذُونَ بِهِ فِي عَقْدِ ذِمَّتِهِمْ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ، لِيَتَمَيَّزُوا بِهِ، فَيُعْرَفُوا، ولا يشتبهوا بِالْمُسْلِمِينَ، فَيَخْفَوْا، لِمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنِ افْتِرَاقِ الْأَحْكَامِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْهَيْئَاتِ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: فِي مَلَابِسِهِمْ.
وَالثَّانِي: فِي أَبْدَانِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute