للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِجَائِحَةٍ، أَوْ جِنَايَةٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي إِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَلِكَ حَالُ الشُّفْعَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَا تَنَاوَلَتْهُ الصَّفْقَةُ بِالثَّمَنِ مُقَسَّطٌ عَلَى أَجْزَائِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى مَعَ الشِّقْصِ سَيْفًا أَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّهُ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَوْلًا وَاحِدًا وَنَسَبَا إِلَى الْمُزَنِيِّ الْغَلَطَ فِيمَا نَقَلَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لِلشَّافِعِيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَنْصُوصَاتِهِ، وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ قَوْلَهُمْ: إِنَّ مَا انْهَدَمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ أُخِذَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَمَا انْهَدَمَ بِفِعْلِهِ، أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ أُخِذَ بحصته من الثمن، فغلط المزني في نقول الشَّافِعِيِّ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

كَمَا غَلِطَ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَا حكاه في كتاب الأيمان والنذور: إِذَا حَلَفَ عَلَى غَرِيمِهِ أَنْ لَا يُفَارِقَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذَهُ مِنْهُ بِحَقِّهِ عِوَضًا إِنْ كَانَ بِقِيمَةِ الْحَقِّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ حَنِثَ، فَغَلِطَ وإنما ذلك قول مالك، كذلك ها هنا وَفَرَّقَ بَيْنَ الشُّفْعَةِ وَالْفَلَسِ بِفَرْضٍ مَضَى فِي كِتَابِ الْفَلَسِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ إِذَا ذَهَبَتِ الْآثَارُ وَكَانَتْ أَعْيَانُ الْآلَةِ وَالْبِنَاءِ بَاقِيَةً، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ إِذَا كَانَتْ أَعْيَانُ الْآلَةِ وَالْبِنَاءِ تَالِفَةً.

وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. فَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ إِذَا هَدَمَهُ بِفِعْلٍ آدَمِيٍّ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، إِذَا كَانَ هَدْمُهُ بِجَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي هَدْمِ الْآدَمِيِّ قَدْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِ النَّقْصِ، فَلِذَلِكَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَفِي جَائِحَةِ السَّمَاءِ لَيْسَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ النَّقْصِ، فَلِذَلِكَ أَخَذَهَا بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ ضِدُّ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ.

وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، فَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ إِذَا كَانَتِ الْفُرْصَةُ بَاقِيَةً وَإِنْ تَلِفَتِ الْآلَةُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ إِذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْفُرْصَةِ بِسَيْلٍ أَوْ غَرَقٍ لِأَنَّ العرصة مقصورة والآلة تتبع.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ قَاسَمَ وَبَنَى قِيلَ لِلشَّفِيعِ إِنْ شِئْتَ فَخُذْ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْيَوْمَ أَوْ دَعْ لِأَنَّهُ بَنَى غَيْرَ متعد فلا يهدم ما بنى، (قال المزني) رحمه الله هذا عندي غلطٌ وكيف لا يكون متعدياً وقد بنى فيما للشفيع فيه شركٌ مشاعٌ ولولا أن للشفيع فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>