للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلائق ما تراضى به الأهلون " يعني أهلي الْعَلَائِقِ، وَأَهْلُوهَا هُمُ الزَّوْجَاتُ دُونَ الْأَوْلِيَاءِ فَكَانَ الْخَبَرُ دَلِيلًا عَلَى أبي حنيفة لَا لَهُ.

وأما قياسه على البشع فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إِنَّمَا مَلَكُوا الِاعْتِرَاضَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ النِّسَبِ وَدُخُولِ الْعَارِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَلَيْسَ فِي تَخْفِيفِ الْمَهْرِ عَارٌ كَمَا لَمْ يَكُنْ فِي إِسْقَاطِهِ عَارٌ وَهُوَ دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ، وَفِي جَوَابٍ عَنِ استدلال، وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَى نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ فلو كان لهذا المعنى بمستحق الاعتراض فيه لا تستحقه النساء اللائي يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ الضَّرَرُ دُونَ الْأَوْلِيَاءِ وَلَاشْتَرَكَ فِيهِ القريب والبعيد ولا اعتراض عليهن في الجنس كالاعتراض في القدر، وكانت مَمْنُوعَةً مِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ كَمَا مُنِعَتْ مِنَ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَلَمَّا فَسَدَ الِاعْتِرَاضُ بِهَذِهِ الْمَعَانِي كان بالنقصان أفسد.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا وِلَايَةَ لأحدٍ مِنْهُمْ وَثَمَّ أَوْلَى مِنْهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

قَدْ ذَكَرْنَا بِأَنَّ أَقْرَبَ الْعَصَبَاتِ أَحَقُّ بِالْوِلَايَةِ مِنَ الْأَبْعَدِ عَلَى مَا مَضَى مِنَ التَّرْتِيبِ.

وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْأَبْعَدُ سَيِّدَ الْعَشِيرَةِ كَانَ أَحَقَّ مِنَ الْأَقْرَبِ كَالَّتِي لَهَا عَمٌّ هُوَ سَيِّدُ عَشِيرَتِهِ وَلَهَا إِخْوَةٌ فَالْعَمُّ أَحَقُّ بِنِكَاحِهَا مِنَ الْإِخْوَةِ اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا، أو السلطان " فحمل ذي الرَّأْيِ مُقَدَّما.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِفَضْلِ رِئَاسَتِهِ أَقْدَرُ عَلَى تَخَيُّرِ الْأَكْفَاءِ وَلِلرَّغْبَةِ فِيهِ تَعْدِلُ إِلَيْهِ الزُّعَمَاءُ وَهَذَا خَطَأٌ، وَاسْتِحْقَاقُ الْوِلَايَةِ بِالْقُرْبِ أَوْلَى مِنَ اسْتِحْقَاقِهَا بِالرِّئَاسَةِ مَعَ الْبُعْدِ لِأُمُورٍ.

مِنْهَا: أن الرئاسة الْأَبْعَدَ لَمَّا لَمْ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْوِلَايَةَ مَعَ الأب فكذلك مع كل عصبة هو الأقرب، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَقَدَّمُ بِالرِّئَاسَةِ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْمَالِ لَمْ يَتَقَدَّمْ بِالرِّئَاسَةِ فِي الْوِلَايَةِ على النكاح، ولأن ما استحق بالتسليم يؤثر فيه الرياضة كالميراث.

فأما الأثر عن عمر رضي الله تعالى عَنْهُ فَهُوَ دَلِيلُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْوَلِيَّ عَلَى ذِي الرَّأْيِ مِنَ الْأَهْلِ، وَأَمَّا قُدْرَتُهُ عَلَى تخير الأكفاء وما يتوجه إليه من تخير الأكفاء فَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَزُولُ إِذَا بَاشَرَ عَقْدَهَا من هو أقرب منه.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَإِنْ كَانَ أَوْلَاهُمْ بِهَا مَفْقُودًا أَوْ غَائِبًا بعيدهً كانت غيبته أم قَرِيبَةً زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ بَعْدَ أَنْ يَرْضَى الْخَاطِبُ وَيَحْضُرَ أَقْرَبُ وُلَاتِهَا وَأَهْلُ الْحَزْمِ مِنْ أَهْلِهَا ويقول هَلْ تَنْقِمُونَ شَيْئًا؟ فَإِنْ ذَكَرُوهُ نُظِرَ فِيهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>