للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

: وإذا أطارت الريح ثوباً فَأَلْقَتْهُ فِي دَارٍ آخَرَ فَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الدَّارِ بِهِ حَتَّى احْتَرَقَ بِنَارٍ كَانَ فِي دَارِهِ أَوْ بَهِيمَةٌ أَكْلَتْهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ عَلِمَ بِهِ فَأَكَلَتْهُ الْبَهِيمَةُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا حَتَّى أَكَلَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَنْعِهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَكِنْ لَوْ رَآهُ عِنْدَ حُصُولِ الثَّوْبِ فِي دَارِهِ فَتَرَكَهُ فَإِنْ كَانَ مَالِكُهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَعَلَيْهِ إِعْلَامُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ كَانَ مَالِكُهُ عَالِمًا بِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعْلَامُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ فَإِنْ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ بَعْدَ تَرْكِهِ فَهَلَكَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِفْظِهِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَرَ على حفظ عِنْدَ هُبُوبِهَا فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ مَا يَضْمَنُ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ أَكَلَتْهُ بَهِيمَةٌ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. فَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ حِينَ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ إِلَى دَارِهِ وَقَعَ فِي صَبْغٍ لصاحب الدار فشربه وانصبغ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّعَدِّي مِنْهُمَا ثُمَّ نُظِرَ فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِخْرَاجُ الصبغ من الثوب واستخرجه وَيَكُونُ نَقْصُ الثَّوْبِ وَالصَّبْغُ هَدَرًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ اسْتِخْرَاجُهُ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ عَلَى زِيَادَتِهِ وَنَقْصِهِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا سَقَطَ فِي دَارِ رَجُلٍ طَائِرٌ مَمْلُوكٌ فَأَلِفَهَا وَأَقَامَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ يَدٌ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إِعْلَامُ صَاحِبِهِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِخِلَافِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الطَّيْرَ مُمْتَنِعٌ وُعَوْدُهُ بِنَفْسِهِ مُمْكِنٌ فَلَوْ دَخَلَ الطَّيْرُ إِلَى بُرْجِ صَاحِبِ الدَّارِ فَغَلَّقَ عَلَيْهِ بَابَ الْبُرْجِ فَإِنْ نَوَى بِفِعْلِهِ تَمَلُّكَ الطَّيْرِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَمَلُّكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي داره كيف شاء.

فَصْلٌ

: وَإِذَا أَشْعَلَ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ نَارًا فَانْتَشَرَتْ حَتَّى تَعَدَّتْ إِلَى دَارِ جَارِهِ فَأَحْرَقَتْهَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَتِ النَّارُ إِذَا انْتَشَرَتْ فِيمَا هِيَ فِيهِ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ حُدُودِ دَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ انْتِشَارُهَا فِيمَا هِيَ فِيهِ يُخْرِجُهَا عَنْ حُدُودِ دَارِهِ ضَمِنَ لِأَنَّ مِنْ طَبْعِ النَّارِ انْتِشَارَهَا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا فَضَمِنَ، وَهَكَذَا لَوْ أَجْرَى فِي أَرْضِهِ مَاءً فَتَعَدَّى إِلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَغَرَّقَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي أَرْضِهِ مَغِيضٌ وَلَا كَانَ فِي حُدُودِهَا مَا يَصُدُّهُ عَنِ الْخُرُوجِ ضَمِنَ لِمَا فِي طَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْجَرَيَانِ وَاللَّهُ أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>