للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِسْلَامِ الزَّوْجِ اسْتَرْجَعَهُ لِأَنَّهُ كَانَ تَعْجِيلًا عَنْ ظَاهِرِ اسْتِحْقَاقٍ وَإِنْ عَجَّلَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ لَمْ يَسْتَرْجِعْهُ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ.

(فَصْلٌ)

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَرْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ. فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا هُوَ الزَّوْجَ وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَهَا النَّفَقَةُ فِي زَمَانِ عَدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى دِينِهَا الْمَأْمُورَةِ بِهِ وَالتَّحْرِيمُ مِنْ قِبَلَ الزَّوْجِ وَيُقْدَرُ عَلَى تَلَافِيهِ وَاسْتِدْرَاكِهِ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنِ ارْتَدَّتِ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي زَمَانِ الرِّدَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مِنْ قِبَلِهَا بِمَا لَا يَقْدِرُ الزَّوْجُ عَلَى تَلَافِيهِ، فَكَانَ أَسْوَأَ حَالًا مِنَ النُّشُوزِ فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ حَتَّى مَضَتِ الْعِدَّةُ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا كَانَا عَلَى النِّكَاحِ وَاسْتَحَقَّتْ نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا عَنْهَا وَقْتَ إِسْلَامِهَا وَجَبَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهَا وَلَوْ كَانَتْ نَاشِزًا وَغَابَ الزَّوْجُ عَنْهَا ثُمَّ أَطَاعَتْ بِالْإِقْلَاعِ عَنِ النُّشُوزِ لَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ إِلَّا بَعْدَ إِعْلَامِ الزَّوْجِ لِتَسْلِيمِهِ وَقُدُومِهِ أَوْ قُدُومِ وَكِيلِهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُرْتَدَّةِ وَالنَّاشِزِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُرْتَدَّةِ سَقَطَتْ بِالرِّدَّةِ. فَإِذَا زَالَتِ الرِّدَّةُ عَادَتِ النَّفَقَةُ، وَنَفَقَةَ النَّاشِزِ سَقَطَتْ بِالِامْتِنَاعِ فَلَمْ تَعُدْ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ.

( [الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْعَبْدِ] )

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَعَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ وَالْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ إذ بُوِّئَتْ مَعَهُ بَيْتًا وَإِذَا احْتَاجَ سَيَّدُهَا إِلَى خِدْمَتِهَا فَذَلِكَ لَهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. عَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ مُعَاوَضَةٌ وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَنَفَقَةَ الْأَقَارِبِ مُوَاسَاةٌ وَلَيْسَ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَوَجَبَتْ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ إِعْسَارِهِ، وَنَفَقَةَ الْأَقَارِبِ تَجِبُ فِي الْيَسَارِ دُونَ الْإِعْسَارِ فَسَقَطَتْ عَنِ الْعَبْدِ لِإِعْسَارِهِ. فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ نَظَرَ فِي زَوْجَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً لَزِمَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا ليلاْ وَنَهَارًا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً نَظَرَ فَإِنْ كَانَ بَوَّأَهَا مَعَهُ السَّيِّدُ مَنْزِلًا لَيْلًا وَنَهَارًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهَا لَيْلًا وَنَهَارًا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَكَانَ السَّيِّدُ مُتَعَدِّيًا بِمَنْعِهَا مِنْهُ فِي اللَّيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>