إِلَى غُرُوبِ شَمْسِهِ أَضَرَّ بِهَا، فَلَوْ كَانَ لَا يَجِدُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ إِلَّا نَفَقَةَ الْغَدَاءِ وَفِي آخِرِهِ إِلَّا نَفَقَةَ الْعَشَاءِ فَفِي خِيَارِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تَسْتَحِقُّهُ لِوُصُولِهَا إِلَى الْكِفَايَةِ فِي وَقْتِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْتَحِقُّ الْخِيَارَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ لَا تَتَبَعَّضُ وَلَوْ تَبَعَّضَتْ لَجَازَ أَنْ يُعْطِيَهَا كَسْرًا أَوْ لُقَمًا، فَلَوْ وَجَدَ نَفَقَةَ يَوْمٍ وَعَدِمَ نَفَقَةَ يَوْمٍ، كَأَنْ وَجَدَ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ نَفَقَةَ يَوْمٍ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّهُ عَادِمٌ بَعْضَ نَفَقَتِهَا.
(الْقَوْلُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُؤَجَّلُ فِيهَا الزَّوْجُ لِلْإِعْسَارِ)
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَمْ يُؤَجَّلْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو حَالُ مَنْ أَعْوَزَتْهُ النَّفَقَةُ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِشُرُوعِهِ فِي عَمَلٍ لَمْ يَسْتَكْمِلْهُ وَيَقْدِرُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهِ عَلَى النَّفَقَةِ كَالنَّسَّاجَ الَّذِي يَنْسِجُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ ثَوْبًا فَإِذَا نَسَجَهُ كَانَتْ أُجْرَتُهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعِهِ فَلَا خِيَارَ لِزَوْجَةِ هَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِنَفَقَتِهَا، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ، وَيُنْفِقُ مِنَ الِاسْتِدَانَةِ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ كَالصُّنَّاعِ بِأَبْدَانِهِمْ مِنْ نَجَّارٍ وَبَنَّاءٍ وَحَمَّالٍ إِذَا عَمِلَ فِي يَوْمِهِ كَسَبَ قَدْرَ نَفَقَتِهِ فَيُعْذَرُ عَلَيْهِ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي صَنْعَتِهِ، فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ تَعَذُّرُهُ عَلَيْهِ نادر لَمْ يَكُنْ لِزَوْجَتِهِ خِيَارٌ، وَإِنْ كَانَ غَالِبًا فلها الخيار.
والقسم الثالث: يَكُونُ لِعَجْزٍ عَنِ التَّصَرُّفِ كَالصَّانِعِ إِذَا مَرِضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَمَلِ، فَيُنْظَرُ فِي مَرَضِهِ، فَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الزَّوَالِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الزَّوَالِ فَلَهَا الْخِيَارُ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ لِدَيْنٍ لَهُ عَلَى غَرِيمٍ لَا يَمْلِكُ سِوَاهُ وَقَدْ أَلَظَّ بِهِ الْغَرِيمُ وَمَطَلَهُ فَيُنْظَرُ فِي الغريم، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أن يكون معسراً فالدين عليه تائه وَمَالِكُهُ مُعْدَمٌ، فَيَكُونُ لِزَوْجَتِهِ الْخِيَارُ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوسِرٍ حَاضِرٍ فَمَالِكُ الدَّيْنِ مُوسِرٌ بِهِ وَلَا خِيَارَ لِزَوْجَتِهِ وَيُحْبَسُ الْغَرِيمُ حَتَّى يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ، وَتَكُونُ الزَّوْجَةُ فِي حُكْمِ مَنْ زَوْجُهَا مُوسِرٌ وَقَدْ مَنَعَهَا النَّفَقَةَ فَيَسْقُطُ الخيار ويحبس زوجها على نفقتها، ذلك هاهنا يُسْقِطُ الْخِيَارَ وَيُحْبَسُ الْغَرِيمُ دُونَ الزَّوْجِ.