للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْتَحَقٍّ عِنْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الطَّالِبَ مِنْهُ، لِنُفُوذِ الْحُكْمِ بِهِ، وَقَالَ لِلْمَطْلُوبِ: لَسْتُ أُوجِبُهُ عَلَيْكَ، وَلَا أُسْقِطُهُ عَنْكَ، وَقَالَ لِلطَّالِبِ: لَسْتُ أُوجِبُهُ لَكَ، وَلَا أَمْنَعُكَ مِنْهُ، فَإِنْ تَرَاضَيْتُمَا أَمْضَيْتُهُ عَلَى مَرْاضَاتِكُمَا، وَإِنْ تَمَانَعْتُمَا تَرَكْتُكُمَا عَلَى تَنَازُعِكُمَا، وَقَطَعْتُ التَّنَافُرَ بَيْنَكُمَا. وَيَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا حَاكِمًا أَوْ مُسْتَوْفِيًّا.

فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا ضَمَنَّاهُ عِقْدَ الْبَابِ مِنَ الْأَقْسَامِ وَالْأَحْكَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(نَسْخُ الشاهدين الكتاب) .

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِنَسْخِهِ كِتَابَةً فِي أَيْدِيهِمْ وَيُوَقِّعُوا شَهَادَاتِهِمْ فِيهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ فِي كُتُبِ الْقُضَاةِ، أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ عَلَى نُسْخَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: مَعَ الطَّالِبِ مَخْتُومَةٌ وَالْأُخْرَى مَعَ الشَّاهِدَيْنِ مَفْضُوضَةٌ يَتَدَارَسَانِهَا، لِيَحْفَظَا مَا فِيهَا، وَتَكُونُ الَّتِي مَعَ الطَّالِبِ مَحْفُوظَةً بِالْخَتْمِ حَتَّى إِنْ ضَاعَتْ إِحْدَى النُّسْخَتَيْنِ، أَوْ كِلَاهُمَا، أَمْكَنَ الشَّاهِدَانِ إِذَا حَفِظَا مَا فِي الْكِتَابِ أَنْ يَشْهَدَا بِمَا فِيهِ.

فَإِنِ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي الْكِتَابِ عَلَى نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَلَهُ فِيهِ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَدْفَعَ الْكِتَابَ إِلَى الشَّاهِدَيْنِ دُونَ الطَّالِبِ، فَيَجُوزُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ خَتْمِهِ وَتَرْكِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَخْتِمَهُ إِذَا كَانَ مَعَهُمَا لِيَتَدَارَسَاهُ وَيَحْفَظَا مَا فِيهِ حَتَّى يَشْهَدَا بِهِ لَفَظًا إِنْ ضَاعَ مِنْهُمَا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَدْفَعَ الْقَاضِي الْكِتَابَ إِلَى الطَّالِبِ دُونَ الشَّاهِدَيْنِ، فَعَلَى الْقَاضِي مِنَ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ أَنْ يَخْتِمَهُ بِخَاتَمِهِ وَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ مِنَ الِاحْتِيَاطِ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ أَنْ يُوَقِّعَا فِيهِ خَطَّهُمَا وَيَخْتِمَاهُ بِخَتْمِهِمَا، لِيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً لَهُمَا فِي نَفْسِ الِارْتِيَابِ عَنْهُمَا وَيَكُونُ خَتْمُهُمَا فِي دَاخِلِ الْكِتَابِ وَخَتْمُ الْقَاضِي عَلَى ظَهْرِهِ مَعْطُوفًا.

فَإِنِ اقْتَصَرَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْخَطِّ دُونَ الْخَتْمِ جَازَ، وَإِنْ تَرَكَا زِيَادَةَ الِاحْتِيَاطِ.

فَإِذَا وَصَلَ الطَّالِبُ وَالشَّاهِدَانِ إِلَى الْقَاضِي الْمُكَاتِبِ، تَفَرَّدَ الطَّالِبُ بِخِطَابِهِ دُونَ الشَّاهِدَيْنِ، وَكَانَ أَوَّلُ كَلَامِهِ مُسْتَعْدِيًا إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا عِنْدَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا أَسْتَعْدِيكَ عَلَى فُلَانٍ فِي حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، أَوْ فِي يَدِهِ وَقَدْ مَنَعَنِي مِنْهُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَا يَذْكُرَ الْكِتَابَ وَلَا حُضُورَ الشُّهُودِ وَلَا يَصِفَ الْحَقَّ وَلَا يَذْكُرَ قَدْرَهُ لِأَنَّهُ مَجْلِسُ اسْتِعْدَاءٍ وَلَيْسَ مَجْلِسُ دَعْوَى وَيَسْأَلُهُ إِحْضَارَ خَصْمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>