العيب لأنه غير محدود الأكثر وليس يَنْتَهِي إِلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِذَا بَطَلَ الضَّمَانُ فِيمَا ذَكَرْنَا وَكَانَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِن اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فِيهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَأَرْش جُرْحٍ وَدِيَة نَفْسٍ، وَضَمَانُ ذَلِكَ إِنْ قُدِّرَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ جَائِزٌ فَأَمَّا الْإِبِلُ فَفِي جَوَازِ ضَمَانِهَا وَجْهَانِ، مُخَرَّجَانِ مِن اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي جَعْلِ إِبِلِ الدِّيَةِ صَدَاقًا، أَحَدُهُمَا ضَمَانُهَا بَاطِلٌ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهَا، والوجه الثاني ضَمَانهَا جَائِزٌ لِأَنَّ قَبِيصَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَحَمَّلْتُ بِحَمَالَةٍ فَأَعِنِّي فَلَمْ يُنْكِرْ تَحَمُّلَهُ لَهَا، فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ ضَمَانِهَا، وَلِأَنَّهَا مَوْصُوفَةُ الْأَسْنَانِ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا ضَمَانُ مَالِ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ جَازَ فَأَمَّا قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي عَقْدِ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَيَصِحَّ ضَمَانُهُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى عَقْدِ الْجَعَالَةِ فَيَكُونُ فِي صِحَّةِ ضَمَانِهِ وَجْهَانِ.
فَأَمَّا ضَمَانُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: ضَمَانُ نَفَقَةِ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ فَضَمَانُهَا جَائِزٌ إِذَا عُرِفَ قَدْرُهَا لِأَنَّ وُجُوبَ مَا مَضَى مُسْتَقِرٌّ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: ضَمَانُ نَفَقَةِ مُدَّةٍ آتِيَةٍ فَإِنْ أَطْلَقَ الْمُدَّةَ وَلَمْ يُقَدِّرْهَا بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ بَلْ قَالَ عَلَيَّ ضَمَانُ نَفَقَتِكَ عَلَى زَوْجَتِكَ أَبَدًا أَوْ مَا بَقِيتَ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ مَا مَكَّنْت مِنْ نَفْسِك فَهَذَا ضَمَانٌ بَاطِلٌ لِلْجَهَالَةِ بِهِ وَإِنْ قَدَّرَ الْمُدَّةَ وَضَمِنَ لَهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَضْمَنَ لَهَا نَفَقَةَ مُعْسِرٍ فَفِي صِحَّةِ الضَّمَانِ قَوْلَانِ، مِن اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِمَاذَا وَجَبَتْ؟ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَحِقُّ قَبْضَهَا بِالتَّمْكِينِ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا، لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا وَجَبَ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَالتَّمْكِينِ، فَعَلَى هَذَا ضَمَانُهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يجب.
الضرب الثَّانِي: أَنْ يَضْمَنَ لَهَا نَفَقَةَ مُوسِرٍ، فَضَمَانُ نَفَقَةِ الْقَدْرِ الزَّائِدِ لِيَسَارِهِ بَاطِلٌ لِأَنَّ بَقَاءَ الْيَسَارِ مَجْهُولٌ فَصَارَ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ فَأَمَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ فَعَلَى الْجَدِيدِ ضَمَانُهَا بَاطِلٌ، وَعَلَى الْقَدِيمِ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
[(مسألة)]
قال المزني رضي الله عنه: " فإن أخذ الضامن بالحق وكان ضمانه يأمر الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخَذُهُ بِخَلَاصِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا ضَمِنَ رُجلٌ عَنْ رَجُلٍ مَالًا وَأَرَادَ الضَّامِنُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَضْمُونَ عَنْهُ بِخَلَاصِهِ مِنَ الضَّمَانِ وَفِكَاكِهِ مِنَ الْمُطَالَبَةِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ ضَمِنَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute