وَالثَّانِي: أَنْ يَدْعُوَهَا إِلَى نَفْسِهِ فَتَمْتَنِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهَا تَسْلِيمٌ وَلَا مِنْهُ طَلَبٌ، فَفِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهَا النَّفَقَةُ، وَالثَّانِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا.
بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِمَ تَجِبُ؟
قَالَ فِي الْقَدِيمِ: تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَحِقُّ قَبْضَهَا بالتمكين، فعل هَذَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا نُشُوزٌ.
وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَالتَّمْكِينِ مَعًا، فَعَلَى هَذَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ التَّمْكِينِ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ: فَالتَّسْلِيمُ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهَا وَلَوْ سَلَّمَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ أَنْ يَقْبَلَهَا.
وَإِذَا كَانَ التَّسْلِيمُ لَا يَجِبُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ دَفْعَ الصَّدَاقِ لَا يَجِبُ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجْرَاهُ مَجْرَى النَّفَقَةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْقَدِيمُ: تَجِبُ لِوُجُوبِهَا بِالْعَقْدِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْجَدِيدُ: لَا تَجِبُ لِوُجُوبِهَا بِالْعَقْدِ وَالتَّمْكِينِ، فَكَذَلِكَ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ يَكُونُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ.
وَهَذَا الْجَمْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ وُجُوبَ الصَّدَاقِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ دَفْعِهِ، وَوُجُوبَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي وُجُوبَ دَفْعِهَا؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنٍ بَاقِيَةٍ، وَالنَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ زَمَانٍ مَاضٍ، فَكَانَ لَهُ حَبْسُ الصَّدَاقِ لِبَقَاءِ مُوجِبِهِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُ النَّفَقَةِ لِذَهَابِ مُوجِبِهَا.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كَبِيرًا وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ صَدَاقِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ تَسْلِيمَهَا لَا يَجِبُ وَلَوْ طَلَبَهَا، وَلَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ لَوْ بَذَلَتْ لَهُ.
فَأَمَّا النَّفَقَةُ فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْجَدِيدِ بِالْعَقْدِ وَالتَّمْكِينِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ: فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِوُجُوبِهَا عَلَى الْقَدِيمِ بِالْعَقْدِ وَحْدَهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مُتَعَذِّرٌ مِنْهَا بِصِغَرِهَا فَجَرَى مَجْرَى نُشُوزِهَا.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ صَغِيرًا وَهِيَ كَبِيرَةً، فَهَاهُنَا إِنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَجَبَ عَلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ أَنْ يَتَسَلَّمَهَا لَهُ لِتَكُونَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ