للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ فِيمَا كَانَ عَوْرَةً مَعَ الْأَجَانِبِ، وَلَمْ يَكُنْ عَوْرَةً مَعَ ذَوِي الْمَحَارِمِ، كَالَّذِي عَلَا عَنِ السُّرَّةِ وَانْحَدَرَ عَنِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَمِنْهُ الرَّضَاعُ مِنَ الثَّدْيَيْنِ، فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، لِتَحْرِيمِهِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، لِإِبَاحَتِهِ لِذَوِي الْمَحَارِمِ، وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الرَّضَاعِ.

(فَصْلٌ)

: وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ تُقْبَلَ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ جَازَ أَنْ يُقْبَلَ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ مُنْفَرِدِينَ، وَشَهَادَةُ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ إِذَا بَقِيَ الرِّجَالُ فِي الْمُشَاهَدَةِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ، وَلَهُمْ فِي مُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ وَالْعُيُوبِ الْبَاطِنَةِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولُوا: حَانَتْ مِنَّا الْتِفَاتَةٌ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، فَرَأَيْنَا فَهُمْ بَاقُونَ عَلَى الْعَدَالَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُقْبَلَ فِيهِ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ فِي الزِّنَا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولُوا: تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِغَيْرِ شَهَادَةٍ، فَرَأَيْنَا، فَقَدْ فَسَقُوا بِتَعَمُّدِ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ فِي الزِّنَا.

والحال الثالث: أَنْ يَقُولُوا: تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، فَفِي فِسْقِهِمْ بِهَذَا النَّظَرِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: إِنَّهُ يَحْرُمُ فِي الزِّنَا، وَغَيْرِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَيَصِيرُوا بِهَذَا النَّظَرِ فَسَقَةً، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَحِلُّ فِي الزِّنَا وَغَيْرِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ نَظَرٌ لِحِفْظِ حَقٍّ، فَيَكُونُوا عَلَى عَدَالَتِهِمْ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ يُحَرَّمُ فِي غَيْرِ الزِّنَا، وَيَحِلُّ فِي الزِّنَا، لِأَنَّ الزَّانِيَ هَاتِكٌ لِحُرْمَتِهِ وَغَيْرَ الزَّانِي حَافِظٌ لَهَا، فَيُفَسَّقُوا بِالنَّظَرِ فِي غَيْرِ الزِّنَا، وَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُفَسَّقُوا بِالنَّظَرِ فِي الزِّنَا، وتقبل فيه شهادتهم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " واختلفوا في عددها فقال عطاء لا يكون في شهادة النساء لا رجل معهن في أمر النساء أقل من أربع عدول (قال الشافعي) رحمه الله: وبهذا نأخذ ولما ذكر الله النساء فجعل امرأتين يقومان مقام رجل في الموضع الذي أجازهما فيه دل والله أعلم إذ أجاز المسلمون شهادة النساء في موضع أن لا يجوز منهن إلا أربع عدول لأن ذلك معنى حكم الله عز وجل (قال الشافعي) وقلت لمن يجيز شهادة امرأة في الولادة كما يجيز الخبر بها لا من قبل الشهادة وأين الخبر من الشهادة أتقبل امرأة عن امرأة أن امرأة رجل ولدت هذا الولد قال لا قلت فتقبل في الخبر أخبرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>