للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْمُخَالِفُ فِي الْمُعْتَقَدِ فَمُخْتَلِفُ الْحُكْمِ بِخِلَافِهِ فِيمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الدِّينُ. وَالدِّينُ مُنْعَقِدٌ عَلَى فُرُوعٍ وَأُصُولٍ.

فَالْأُصُولُ، مَا اخْتَصَّ بِالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ. وَالْفُرُوعُ مَا اخْتَصَّ بِالتَّكْلِيفِ وَالتَّعَبُّدِ. وَلِلْأُصُولِ فُرُوعٌ، وَلِلْفُرُوعِ أُصُولٌ.

فَأَمَّا أُصُولُ الْأُصُولِ، فَمَا اخْتُصَّ بِإِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ. وَفُرُوعُهُ مَا اخْتُصَّ بِالصِّفَاتِ وَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ.

وَأُصُولُ الْفُرُوعِ مَا عُلِمَ قَطْعًا مِنْ دِينِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفُرُوعُهُ مَا عُرِفَ بِغَيْرِ مَقْطُوعٍ به.

فَأَمَّا الْمُخَالِفُ فِي أُصُولِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ، فَمَقْطُوعٌ بِكُفْرِهِ، وَيَخْرُجُ مِنِ انْطِلَاقِ اسْمِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَظَاهَرَ بِهِ. فَلَا تَثْبُتُ لَهُ عَدَالَةٌ وَلَا تَصِحُّ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ.

وَأَمَّا الْمُخَالِفُ فِي فُرُوعِ الْأُصُولِ مِنَ الصِّفَاتِ وَأَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ رَدَّهُ خَبَرٌ مَقْطُوعٌ بِصِدْقِهِ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ وَأَثَرٍ، كَانَ مُخَالِفُهُ كَافِرًا، لَا تَثْبُتُ لَهُ عَدَالَةٌ، وَلَا تَصِحُّ لَهُ وِلَايَةٌ، وَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ. كَذَلِكَ مَا رَدَّتْهُ الْعُقُولُ وَاسْتَحَالَ جَوَازُهُ فِيهَا، وَمَا لَمْ يَرُدَّهُ خَبَرٌ مَقْطُوعٌ بِصِدْقِهِ، وَلَا عَقْلَ يَسْتَحِيلُ بِهِ نُظِرَ. فَإِنِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى تَكْفِيرِهِ بِهِ، سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَلَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَقِّ فِي تَكْفِيرِهِ بِهِ، فَهُوَ عَلَى الْعَدَالَةِ وَصِحَّةِ الْوِلَايَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ.

فَهَذَا أَصْلٌ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ يُغْنِي عَنْ ضَرْبِ مَثَلٍ وَتَعْيِينِ مَذْهَبٍ.

( [الْقَوْلُ فِي شَهَادَةِ جَاحِدِ فُرُوعِ الدِّينِ] )

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْفُرُوعُ: فَأُصُولُهَا كَالْأُصُولِ. فَمَا عُلِمَ قَطْعًا مِنْ دِينِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِجْمَاعِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ عَلَيْهِ، كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَأَعْدَادِهَا. وَاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ بِهَا. وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ بَعْدَ حَوْلِهَا. وَفَرْضِ الصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَزَمَانِهِمَا. وَتَحْرِيمِ الزِّنَا وَالرِّبَا وَالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ.

فَإِنْ جَحَدَ وُجُوبَ أَحَدِهَا أَوِ اعْتَقَدَ فِي الصَّلَاةِ نُقْصَانًا مِنْهَا أَوْ زِيَادَةً عَلَيْهَا. أَوْ غَيَّرَ الصِّيَامَ وَالْحَجَّ عَنْ زَمَانِهِمَا مِنْ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ. أَوْ زَادَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَافِرٌ. لِأَنَّهُ جَحَدَ بِهَذَا الْخِلَافِ مَا هُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَصَارَ كَالْجَاحِدِ لِصِدْقِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا تَثْبُتُ لَهُ عَدَالَةٌ وَلَا تَصِحُّ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>