لَهَا كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَأَمَّا أَرْشُ الْبَكَارَةِ فَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ الْأَرْشُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَلَا يَكُونُ وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِهَا بِكْرًا يُغْنِي عَنْ وُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ والأرش في مقابلة الاستهلاك فلما اختلف سببيهما لَمْ يَمْتَنِعْ وُجُوبُهُمَا. فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ لَوْ وَطِئَ بِكْرًا حُرَّةً لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ بَكَارَتِهَا فَهَلَّا كَانَتِ الْأَمَةُ كَذَلِكَ قِيلَ لَا، لِأَنَّ الْأَمَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بِالْيَدِ فَلَزِمَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِوُجُودِ النَّقْصِ فِي يَدِهِ. وَالْحُرَّةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ بِالْيَدِ. وَأَمَّا أَرْشُ نَقْصِهَا بِالْوِلَادَةِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ لِضَمَانِ يَدِهِ وَلِحُدُوثِ ذَلِكَ عَنْ فِعْلِهِ فَلَوْ مَاتَتْ فِي ولادتها لزمه قيمتها وَهَلْ تَكُونُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْعَاقِلَةِ هَلْ تَتَحَمَّلُ مَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ. وَأَمَّا أُجْرَةُ مِثْلِهَا فَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةُ الْمَنْفَعَةِ فَصَارَتْ كَالْمَغْصُوبَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ. وَأَمَّا قِيمَةُ وَلَدِهَا فَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَوْلَادَهَا نَمَاءٌ مِنْهَا وَكَسْبٌ لِسَيِّدِهَا فَلَمَّا عُتِقُوا عَلَى الْوَطْءِ لِلِحُوقِهِم بِهِ فِي شُبْهَةِ مِلْكِهِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا مِنْ جِهَتِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُمْ كالشريك إذا أعتق حصته في عَبْدٍ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ عِنْدَ سُقُوطِهِمْ أَحْيَاءً.
وَحُكِيَ عَنْ أبي حنيفة أن عليه قبضهم حِينَ التَّرَافُعِ إِلَى الْقَاضِي وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهَا قِيمَةُ مُسْتَهْلِكٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا وَقْتُ الِاسْتِهْلَاكِ وَقَدِ استهلكهم بالعتق وقت الولادة فوجب أن تلزمه قِيمَتُهُمْ إِذْ ذَاكَ وَقَدْ كَانَ يَقْتَضِي أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُمْ وَقْتَ الْعُلُوقِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِيهَا فَاعْتُبِرَتْ حَالُ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ وَقْتِ الْإِمْكَانِ فَلَوْ وَضَعَتِ الْوَلَدَ مَيِّتًا لَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَتُهُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا قِيمَةَ لَهُ وَخَالَفَ مَوْتُ الْجَنِينِ الْمَضْمُونِ بِالْغِرَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ في سقوط الجنين بالضرب جناية على الولد حَدَثَ الْمَوْتُ مِنْهَا فَجَازَ أَنْ يَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهَا وَلَيْسَ فِي الْوَطْءِ هَا هُنَا جِنَايَةً عَلَى الْوَلَدِ بِحُدُوثِ الْمَوْتِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْجَنِينِ دِيَّةً مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ يُسْتَغْنَى بِهَا عَنِ اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ فَوَجَبَتْ مَعَ الْمَوْتِ. وَفِي وَلَدِ هَذِهِ الْأَمَةِ الْقِيمَةُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا مَعَ الْمَوْتِ فَسَقَطَتْ مَعَهُ.
مَسْأَلَةٌ:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ حَتَى تُرَدَّ إِلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ مَاتَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الْفَاسِدِ أَوْ أَقَلَّ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا قَبَضَ الْجَارِيَةَ عَنْ بَيْعٍ فَاسِدٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَإِنْ بَاعَهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَتُنْزَعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَتُرَدُّ إِلَى بَائِعِهَا الْأَوَّلِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بالثمن الذي دفع ٥ هـ إِلَيْهِ فَلَوْ بَاعَهُ الثَّانِي عَلَى ثَالِثٍ وَالثَّالِثُ عَلَى رَابِعٍ فَعُقُودُ جَمِيعِهِمْ بَاطِلَةٌ وَتُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَتَرَاجَعُونَ بِالْأَثْمَانِ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَكَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَدْ بَاعَهَا عَلَى ثَانٍ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute