للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ الْمَعْنَى فِي الْحَمْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلِذَلِكَ كَانَ تَبَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّمَرَةُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إِفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ فَلَمْ يَكُنْ تَبَعًا.

قِيلَ هَذَا فَاسِدٌ بِأَبْوَابِ الدَّارِ. ثُمَّ يُقَالُ الْحَمْلُ جَارٍ مَجْرَى أَبْعَاضِ الْأُمِّ فَلَمَّا لَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ عَلَى أَبْعَاضِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَى حَمْلِهَا وَالثَّمَرَةُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ تَجْرِي مَجْرَى أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا جَازَ الْعَقْدُ عَلَى أَغْصَانِهَا جَازَ عَلَى ثَمَرِهَا، وَلِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهَا فَجَازَ أَنْ تَكُونَ تَبَعًا لِأَصْلِهَا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا قِيَاسًا عَلَى نَوْرِ الثِّمَارِ قَبْلَ انْعِقَادِهَا.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْمُؤَبَّرَةِ، فَالْمَعْنَى فِي الْمُؤَبَّرَةِ أَنَّهَا ظَاهِرَةٌ فَلَمْ تَكُنْ تَبَعًا كَالْوَلَدِ، وَغَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ كَامِنَةٌ فَكَانَتْ تَبَعًا كَالْحَمْلِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الرَّهْنِ قُلْنَا فِي الرَّهْنِ مَذْهَبَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَتْبَعُ الرَّهْنَ مَا كَانَ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ فَعَلَى هَذَا سَقَطَ السُّؤَالُ.

وَالثَّانِي: لَا يَتْبَعُ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَمَّا ضَعُفَ عن أن تتبعه الثمرة الحادثة ضعف عن أن تتبعه الثَّمَرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الزَّرْعِ فَالْمَعْنَى فِي الزَّرْعِ أَنَّهُ مُسْتَوْدَعٌ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ بِحَادِثٍ مِنْهَا فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّمَرَةُ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا طَلْعُ الْفُحُولِ قَبْلَ تَأْبِيرِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ تَابِعًا لِلْعَقْدِ دَاخِلًا فِي الْبَيْعِ كَطَلْعِ الْإِنَاثِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَلَّا يَكُونَ تَابِعًا وَلَا يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَلْعِ الْإِنَاثِ أَنَّ طَلْعَ الْإِنَاثِ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا بَعْدَ إِبَارِهِ وَتَنَاهِيهِ بُسْرًا وَرَطْبًا، وَطَلَعَ الْفُحُولِ يُؤْخَذُ قَبْلَ إِبَارِهِ وَيَكُونُ حَالُ تَنَاهِيهِ طَلْعًا وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مُخْرِجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ هَلْ يُقَاسُ عَلَى الْحَمْلِ قِيَاسُ تَحْقِيقٍ أَوْ قِيَاسُ تَقْرِيبٍ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِيَاسُ تَحْقِيقٍ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِيرُ طَلْعُ الْفُحُولِ مُؤَبَّرًا بِالتَّشْقِيقِ وَالظُّهُورِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ قِيَاسُ تَقْرِيبٍ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فَعَلَى هَذَا يَصِيرُ طَلْعُ الْفُحُولِ مُؤَبَّرًا اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْعُقُودُ الَّتِي يَمْلِكُ بِهَا النَّخْلَ الْمُثْمِرَ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى وَجْهِ الْمُرَاضَاةِ كَالْبَيْعِ وَالصُّلْحِ وَالصَّدَاقِ فَهَذِهِ الْعُقُودُ تَتْبَعُهَا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمُرَاضَاةِ كَالْمَبِيعِ إِذَا اسْتَرْجَعَ بحدوث

<<  <  ج: ص:  >  >>