للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكُلُّ مَا أُخِذَ مِنْ ذِمِّيٍّ عَرَبِيٍّ فَمَسْلَكُهُ الْفَيْءُ وَمَا اتَّجَرَ بِهِ نَصَارَى الْعَرَبِ وَأَهْلُ دينهم ".

قال الماوردي: وهذا صحيح الْمَأْخُوذَ مِنْ ذِمَّةِ الْعَرَبِيِّ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ جِزْيَةٌ، وَلَيْسَتْ زَكَاةً، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِيجَابِهَا عَلَى النِّسَاءِ زَكَاةً

وَالدَّلِيلُ: عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ زَكَاةً قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: ١٠٣] الْآيَةَ. وَالْكَافِرُ لَا يَتَطَهَّرُ بِمَا يُؤَدِّيهِ مِنْهَا.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.

وَقَالَ عُمَرُ: النَّاسُ رَجُلَانِ مُسْلِمٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةَ، وَكَافِرٌ فَرْضَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ.

وَقَالَ عَلِيٌّ: لَا زَكَاةَ عَلَى مُشْرِكٍ، فَكَانَ هَذَا إِجْمَاعُ الْأَئِمَّةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَصْرُوفًا فِي أَهْلِ الْفَيْءِ دُونَ أَهْلِ الصَّدَقَةِ،

[(مسألة)]

: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانُوا يَهُودًا تُضَاعَفْ عَلَيْهِمِ فِيهِ الصَدَقَةُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي جَوَازِ صُلْحِهِمْ عَلَى مُضَاعَفَةِ الصَّدَقَةِ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ صُلْحُ عُمَرَ مَعْقُودًا عَلَى نَصَارَى الْعَرَبِ، فَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُعْقَدَ مَعَ الْيَهُودِ، ومع نصار الْعَجَمِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ فِي الْجِزْيَةِ سَوَاءٌ، فَإِذَا اتَّجَرُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا بَعْدَ الْحَوْلِ ضِعْفُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ التِّجَارَةِ مُزَكَّاةٌ، فَلَوْ تَجِرَ بَعْضُ نَصَارَى الْعَرَبِ إِلَى الْحِجَازِ أخذ من الْعُشْرُ فِي دُخُولِ الْحِجَازِ، وَضِعْفُ الصَّدَقَةِ بِعَقْدِ الصُّلْحِ، وَجُمِعَ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ كَمَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالْعُشْرِ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>