الْأَوَّلِ، وَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشعبي عن علي عليه السلام غَيْرَ مَرْفُوعٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخَبَرٍ مَرْفُوعٍ.
وَقَدْ رَوَاهُ مَعَ سُفْيَانَ أَسْبَاطٌ عَنْ مُطَرِّفٍ هَذَا وَلَيْسَ لِهَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ فَثَبَتَ بِهِمَا الْإِجْمَاعُ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الِاعْتِبَارِ، أَنَّ كُلَّ إِتْلَافٍ ضُمِنَ بِالْمُبَاشَرَةِ ضُمِنَ بِالشَّهَادَةِ كَالْأَمْوَالِ.
وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِلْجَاءٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُضْمَنَ بِهِ النُّفُوسُ بِالْقَوَدِ كَالْإِكْرَاهِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ سَبَبٌ يَسْقُطُ بِهِ الْقَوَدُ، كَحَفْرِ الْبِئْرِ. فَفَاسِدٌ بِالْإِكْرَاهِ، ثُمَّ حَفْرُ الْبِئْرِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقَتْلُ فَسَقَطَ بِهِ الْقَوَدُ، وَالشَّهَادَةُ مَقْصُودٌ بِهَا الْقَتْلُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ مَالِكٍ بِالْحَاكِمِ، فَهُوَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ فَلَمْ يُضَمَّنْ، وَالشَّاهِدُ مُتَبَرِّعٌ بِالشَّهَادَةِ فَضَمِنَ بِهَا.
( [الْقَوْلُ فِي أَحْوَالِ رُجُوعِ شُهُودِ الْقَتْلِ] )
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشُّهُودَ بِالْقَتْلِ كَالْقَتَلَةِ، لَمْ يَخْلُ حَالُهُمْ فِي الشَّهَادَةِ بِهِ إِذَا تَغَيَّرَتْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَشْكُوَ فِيهَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ بِهَا، أَوْ يَقُولُوا لَعَلَّنَا أَخْطَأْنَا فِيهَا، فَهَذَا قَدْحٌ فِي الضَّبْطِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حُكْمُ الشَّهَادَةِ بَعْدَ نُفُوذِ الْحُكْمِ بِهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ بِهِ، لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَرْجِعُوا جَمِيعًا عَنْهَا، فَيَسْأَلُهُمُ الْحَاكِمُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ هَلْ تَعَمَّدُوهَا أَوْ أَخْطَأُوا فِيهَا؟ لِاخْتِلَافِ حُكْمِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الْقَتْلِ.
وَلَهُمْ فِي الجواب عنه ثمانية أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولُوا: عَمَدْنَا كُلُّنَا لِيُقْتَلَ بِشَهَادَتِنَا، فَالْقَوَدُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَاجِبٌ، لِأَنَّهمْ قَتَلَةُ عَمْدٍ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولُوا: عَمَدْنَا كُلُّنَا وَمَا عَلِمْنَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْتُلُهُ بِشَهَادَتِنَا، فَهُمْ أَهْلُ جَهَالَةٍ بِمِثْلِهِ، فَهَذَا مِنْهُمْ قَتْلُ عَمْدٍ شِبْهُ الْخَطَأِ، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِمْ، وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْهُمْ مُغْلِظَةً لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَمْدِ، وَمُؤَجَّلَةً لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولُوا: أَخْطَأْنَا كُلُّنَا، فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ الْخَطَأِ مُخَفَّفَةً ومؤجلة