باب الشغار وَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ
قَالَ الشافعي رحمه الله: " وإذا أنكح الرجل ابنته أو المرأة تلي أمرها الرجل على أن ينكحه ابنته أو المرأة تلي أَمْرَهَا عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ واحدةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ لِكِلِّ واحدةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَهَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو مفسوخٌ ".
قال الماوردي: وأما الشِّغَارُ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ الْخُلُوُّ، يُقَالُ: بَلَدٌ شَاغِرٌ إِذَا خَلَا مِنْ سُلْطَانٍ، وَأَمْرٌ شَاغِرٌ إذا خلا من مدبر.
أصله: مَأْخُوذٌ مِنْ شُغُورِ الْكَلْبِ، يُقَالُ قَدْ شَغَرَ الْكَلْبُ إِذَا رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ لِلْبَوْلِ لِخُلُوِّ الأرض منها. وحكى الحاجظ أَنَّ شُغُورَ الْكَلْبِ عَلَامَةُ بُلُوغِهِ، وَأَنَّهُ يَبْلُغُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عُمُرِهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشاعر:
(حتى توفا الستة الشهورا ... مِنْ عُمُرِهِ وَبَلَغَ الشُّغُورَا)
هَذَا قَوْلُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، وَالْأَصْمَعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: سُمِّيَ الشِّغَارُ شِغَارًا لِقُبْحِهِ وَمِنْهُ شُغُورُ الْكَلْبِ لِقُبْحِ مَنْظَرِهِ إِذَا بَالَ مَعَ رَفْعِ رِجْلِهِ.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الشِّغَارُ الرَّفْعُ، وَمِنْهُ شُغُورُ الْكَلْبِ.
وَالْأَصْلُ فِي الشِّغَارِ مَا رَوَاهُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ الشِّغَارِ.
وَرَوَى حُمَيْدٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شغار في الإسلام " والشغار ما وصفه الشافعي بقول الرَّجُلُ قَدْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ وَلِيَّتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ أَوْ وَلِيَّتَكَ عَلَى أَنْ تضع كل واحد منهما صداق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute