وَالْوَقْفِ أَوْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَوَّمَ تَقْوِيمَ الْمَالِ كَالْحُرِّ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُقِيمُ عَلَى الْحَلَالِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَرَامَ مَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَقْدُ فَلَمْ يُقَابِلْهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ وَصَارَ جَمِيعُهُ ثَمَنًا لِمَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ مِنَ الْحَلَالِ وَالثَّانِي: أَنَّ مَا خَرَجَ مِنَ الصَّفْقَةِ مِنَ الْحَرَامِ نَقْصٌ فِي الْمَبِيعِ كَعَبْدٍ قُطِعَتْ يَدُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيَكُونُ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ أَوِ الْمُقَامِ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِنِ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْحَلَالِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ عَلَى شَيْئَيْنِ فَأَوْلَى أَنْ يَرْضَى بِأَخْذِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ أَصَحُّ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْحَلَالِ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ لِأَنَّهُمَا جَعَلَا الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ الثَّمَنُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَلَالِ وَحْدَهُ دُونَ الْحَرَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا تَضَمَّنُهُ بَذْلُ الْبَائِعِ وَقَبُولُ الْمُشْتَرِي فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إِنِ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْمُقَامَ عَلَى الْحَلَالِ وَأَخَذَهُ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ فَهَلْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ لِأَجْلِ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصِ الثَّمَنِ.
وَالْوَجْهُ الثاني: لا خيار به لِأَنَّ نَقْصَ الثَّمَنِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْمَبِيعِ الْبَاقِي مَعَهُ فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَلَالَ الْمَضْمُومَ فِي الصَّفْقَةِ إِلَى الْحَرَامِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَأْخُذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُومًا إِلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُومًا إِلَى مَا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ.
وَالثَّالِثُ: مَا يَكُونُ فِيمَا يَأْخُذُهُ بِهِ قَوْلَانِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُومًا إِلَى مَالٍ يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ.
[فصل:]
فإذا بطل بعض الصَّفْقَةِ بِمَعْنًى حَادِثٍ بَعْدَ الْعَقْدِ كَعَبْدَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْبَاقِي مِنْهَا فَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يُخْرِجُ الْبَيْعَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَسَوَّى بَيْنَ الْفَسَادِ الْمُقَارَنِ لِلْعَقْدِ وَبَيْنَ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَامْتَنَعَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا مِنْ تَخْرِيجِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَأَجَازُوا بَيْعَ الْبَاقِي قَوْلًا وَاحِدًا لِسَلَامَتِهِ فَلَمْ يَقْدَحْ فِيهَا مَا حَدَثَ مِنْ فَسَادِ بَعْضِهَا لِأَنَّنَا إِنْ عَلَّلْنَا فِي بُطْلَانِ الصَّفْقَةِ بِأَنَّ اللَّفْظَةَ جَمَعَتْ حَرَامًا وَحَلَالًا عُدِمَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ ها هنا. فإذا ثَبَتَ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْبَاقِي جَائِزٌ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ قَوْلًا وَاحِدًا وَخَرَّجَهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَلَى قَوْلَيْنِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بالصواب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute