[(باب الكفارة بالطعام)]
(مِنْ كِتَابَيْ ظِهَارٍ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ)
(مَسْأَلَةٌ:)
قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى:) فيمن تظهر وَلَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَلَمْ يَسْتَطِعْ حِينَ يُرِيدُ الْكَفَّارَةَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِمَرَضٍ أَوْ عِلَّةٍ مَا كَانَتْ أَجْزَأَهُ أَنْ يُطْعِمَ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اسْتِحْقَاقُ التَّرْتِيبِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ يَمْنَعُ مِنَ الْإِطْعَامِ إِلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ الصِّيَامِ قَالَ الله تعالى {فمن لم يجد فصيام شهرين مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يستطع فإطعام ستين مسكيناً} وَعَجْزُهُ عَنِ الصِّيَامِ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْعَجْزِ بِالْهَرَمِ فَهَذَا عَجْزٌ مُتَأَبِّدٌ يَجُوزُ مَعَهُ الْإِطْعَامُ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْعَجْزِ بِالْمَرَضِ فَهُوَ فِي مِثْلِ هَذَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَعْجِيلِ الْإِطْعَامِ اعْتِبَارًا بِحَالِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ حَالَ بُرْئِهِ، فَرُبَّمَا كَفَّرَ بِالصِّيَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَى الْفَوْرِ.
ثُمَّ الْعَجْزُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَقْدِرَ مَعَهُ عَلَى الصِّيَامِ بِحَالٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَلْحَقَهُ الْمَشَقَّةُ الْغَالِبَةُ فِي صِيَامِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَلَهُ فِي الْحَالَيْنِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ وَلَا يُرَاعَى عَدَمُ الْقُدْرَةِ بِكُلِّ حَالٍ وَكَذَلِكَ الْفِطْرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَوْ كَانَ الْمُظَاهِرُ قَادِرًا عَلَى صَوْمِ أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ عَاجِزًا عَنِ الْآخَرِ كَانَ فِي حُكْمِ الْعَاجِزِ عَنْهُمَا فِي الِانْتِقَالِ إِلَى الْإِطْعَامِ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الصَّوْمِ فِي الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ وَهَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّتَابُعِ فِيهِ كَانَ فِي حُكْمِ الْعَاجِزِ عَنْهُ فِي الْعُدُولِ إِلَى الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ يَعْجَزُ عَمَّا يُجْزِئُ مِنَ الصِّيَامِ.
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (وَلَا يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا} .
قَالَ المارودي: وَهَذَا صَحِيحٌ. . الْإِطْعَامُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مُقَدَّرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِمَا يُدْفَعُ إِلَى كُلِّ مِسْكِينٍ وَهُوَ عِنْدَنَا مُدٌّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُدَّانِ وَالْكَلَامُ مَعَهُ يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute