للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شاءت من أبويها، وتزول عنها الكفارة بِالتَّزْوِيجِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ بِهَا، فَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَعُدِ الْكَفَالَةُ عَلَيْهَا، وَأَقَامَتْ حَيْثُ شَاءَتْ وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ عَلَى الْجَارِيَةِ أَنْ تُقِيمَ مَعَ الْأُمِّ حَتَّى تتزوج، فإن طلقت قبل الدخول عادة الْكَفَالَةُ عَلَيْهَا لِلْأُمِّ وَبَنَى أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمَا فِي بَقَاءِ النَّفَقَةِ لَهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ.

وَالشَّافِعِيُّ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا بِالْبُلُوغِ فَأَسْقَطَ الْكَفَالَةَ عَنْهَا بِالْبُلُوغِ وَاسْتَبْقَى مَالِكٌ الْحَجْرَ عَلَى مَالِهَا حَتَّى تَزُوَّجَ وَجَعَلَ حَجْرَ الْكَفَالَةِ تَبَعًا لِمَالِهَا، وَفِيمَا مَضَى مَعَهَا مِنَ الْكَلَامِ فِيمَا جَعَلَاهُ أَصْلًا لِغَايَةٍ عَنْ تَجْدِيدِ الِاحْتِجَاجِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمَا لَمَّا اسْتَوَى حُكْمُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ فِي ثُبُوتِ الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَارْتِفَاعِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ، وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِيمَا بَيْنَ الْبُلُوغِ والتزويج والله اعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِذَا اسْتَكْمَلَ سَبْعَ سِنِينَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أنثى وهو يعقل عقل مثله خير وقال في كتاب النكاح القديم إذا بلغ سبعاً أو ثمان سنين خير إذا كانت دارهما واحدة وكانا جميعاً مأمونين على الولد فإن كان أحدهما غير مأمون فهو عند المأمون منهما حتى يبلغ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا ثَبَتَ تَخْيِيرُ الْوَلَدِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فِي زَمَانِ الْكَفَالَةِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ حَدِّ الْحَضَانَةِ، فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِشُرُوطٍ فِي الْوَلَدِ وَشُرُوطٍ فِي الْأَبَوَيْنِ، فَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْوَلَدِ فَثَلَاثَةٌ:

أَحَدُهَا: الْحُرِّيَّةُ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَلَا كَفَالَةَ لِأَبَوَيْهِ سَوَاءٌ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ، وَسَيِّدُهُ أَحَقُّ بِهِ مِلْكًا لَا كَفَالَةً، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لَهُ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي زَمَانِ الْحَضَانَةِ وَفِي جَوَازِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فِي زَمَانِ الْكَفَالَةِ مَا بَيْنَ سَبْعٍ وَالْبُلُوغِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ، فَفِي إِجْرَاءِ حُكْمِ الْأُمِّ عَلَيْهِ فِي الْمَنْعِ مِنَ التَّفْرِقَةِ بينهما وجهان. فلو بَعْضُ الْوَلَدِ حُرًّا وَبَعْضُهُ مَرْقُوقًا خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ إِذَا كَانَا حُرَّيْنِ فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا اجْتَمَعَ مَعَ سَيِّدِهِ الْمَالِكِ لِرِقِّهِ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فِي كفالته من اشتراك فِيهَا أَوْ مُهَايَأَةٍ عَلَيْهَا أَوِ اسْتِنَابَةٍ فِيهَا، فَإِنْ تَنَازَعَا اخْتَارَ الْحَاكِمُ لَهُمَا أَمِينًا يَنُوبُ عَنْهُمَا فِي كَفَالَتِهِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يُمَيِّزَ وَيَعْقِلَ عَقْلَ مِثْلِهِ لِيَكُونَ مُتَصَوِّرًا حَظَّ نَفْسِهِ فِي الِاخْتِيَارِ، فَإِنْ كَانَ مَخْبُولًا أَوْ مَجْنُونًا لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ مَنَافِعِهِ وَمَضَارِّهِ لَمْ يُخَيَّرْ، وَكَانَ مَعَ أُمِّهِ كَحَالِهِ فِي زَمَانِ الْحَضَانَةِ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَمْ يَمْنَعِ الْمَرَضُ مِنْ تَخْيِيرِهِ لِصِحَّةِ تَمْيِيزِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِحَظِّ نَفْسِهِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: انْتِهَاؤُهُ إِلَى السِّنِّ الَّتِي يَسْتَحِقُّ التَّخْيِيرَ فيها قال الشافعي: هاهنا

<<  <  ج: ص:  >  >>