كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ الْمَالُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ الزَّكَاةُ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما ومنه قول لبيد الرَّاعِي:
(قومٌ عَلَى الْإِسْلَامِ لَمَّا يَمْنَعُوا ... مَاعُونَهُمْ وَيُضَيِّعُوا التَّهْلِيلَا)
وَالْخَامِسُ أَنَّهُ الْمَنَافِعُ وَهُوَ قَوْلُ أبي جعفر الحميري استشهد عَلَيْهِ بِقَوْلِ أَعْشَى بْنِ ثَعْلَبَةَ:
(بَأجود مِنْهُ بِمَاعُونِهِ ... إِذَا مَا سَمَاؤُهُمْ لَمْ تَغِمْ)
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول العارية مؤادةٌ وَالْمِنْحَةُ مردودةٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ مَضْمُونٌ وَالزَّعِيمُ غارمٌ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قرقرٍ فَتَطَأُهُ بِخِفَافِهَا كُلَّمَا مَضَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا قِيلَ فَمَا حَقُّهَا فَمَا حَقُّ الْإِبِلِ قال: يعطي الكريمة ويمنح العزيرة وَيَعْقِرُ الظَّهْرَ وَيُطْرِقُ الْفَحْلَ وَيَسْقِي اللَّبَنَ. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ حَقِّهَا إعارةٌ دَلْوِهَا وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَمِنْحَةِ لَبَنِهَا يَوْمَ وَرْدِهَا فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ الْعَارِيَةِ وَاللَّهُ أعلم.
فَصْلٌ
: وَالْعَارِيَةُ هِيَ هِبَةُ الْمَنَافِعِ مَعَ اسْتِيفَاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَتَفْتَقِرُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ. فَأَمَّا الْمُعِيرُ فَمَنْ كَانَ مَالِكًا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعِيرًا وَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ مَالِكِ وَلَا مِنْ مَمْنُوعِ التَّصَرُّفِ وَأَجَازَ أبو حنيفة لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنْ يُعِيرَ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ لَا يُبِيحُ التَّصَرُّفُ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ.
وَأَمَّا الْمُسْتَعِيرُ فَمَنْ صَحَّ مِنْهُ قَبُولُ الْهِبَةِ صَحَّ مِنْهُ طَلَبُ الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنَ الْهِبَةِ وَمَنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ قَبُولُهَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا طَلَبُهَا.
وَأَمَّا الْمُعَارُ فَهُوَ كُلُّ مَمْلُوكٍ يَصِحُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْمَأْكُولَاتِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْمَنَافِعِ دُونَ الرِّقَابِ.
: فَأَمَّا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ فَتَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَجُوزُ إِعَارَتُهُ وَإِجَارَتُهُ وَهُوَ الْحُلِيُّ لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَقِسْمٌ لَا تَجُوزُ إِعَارَتُهُ وَلَا إِجَارَتُهُ وَهِيَ الْأَوَانِي الْمَحْظُورَةُ لِتَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا، وَقِسْمٌ يَجُوزُ إِعَارَتُهُ وَفِي جَوَازِ إِجَارَتِهِ وَجْهَانِ: وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لِأَنَّ فِي التَّجَمُّلِ بِهَا نَفْعًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَارِيَةِ والإجارة فإن اختصا بملك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute