خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَدَخَلَ النَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ لِضَمَانِهِ بِالتَّعَدِّي إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ لِرُخْصِ السُّوقِ فَلَا يَضْمَنُهُ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ قَالَ: الْمَغْصُوبُ أَنَا آخُذُ مِنْ هَذَا الزَّيْتِ الْمُخْتَلِطِ زَيْتًا بِقِيمَةِ مَا اسْتَحَقَّهُ وَهُوَ ثُلُثُ الصَّاعَيْنِ بِخَمْسَةٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُجَابُ إِلَى هَذَا لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّبَا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ آخِذًا لِثُلُثَيْ صَاعٍ بَدَلًا مِنَ الصَّاعِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجَابُ إِلَى هَذَا وَيُعْطَى مِنَ الصَّاعَيْنِ ثُلُثَيْ صَاعٍ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مِلْكِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا رِبًا لِأَنَّ الرِّبَا يَجْرِي فِي الْبِيَاعَاتِ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي هَذَا بَيْعٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَارِكٌ بَعْضَ الْمَكِيلَةِ فَيَكُونُ مُسَامِحًا.
فَصْلٌ
: وَإِذَا خَلَطَهُ بِأَرْدَأَ مِنْهُ، مِثْلَ أَنْ يَغْصِبَ مِنْهُ صَاعًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَيَخْلِطُهُ بِصَاعٍ يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى مَكِيلَةِ زَيْتِهِ مِنْ هَذَا الْمُخْتَلِطِ فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُسَامِحًا بِجَوْدَةِ زَيْتِهِ.
والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى مِثْلِ مَكِيلَةِ زَيْتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ وَقَدِ اسْتَوْفَى الْحَقَّ مِنْ غير محاباة.
والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَبْذُلَ لَهُ الْغَاصِبُ مِثْلَ مَكِيلَةِ زَيْتِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَدْعُوَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إِلَى أَخْذِهِ مِنَ الْمُخْتَلِطِ بِزَيْتِهِ. فَفِيهِ وَجْهَانِ كَمَا لَوِ اخْتَلَطَ بِمِثْلِ زَيْتِهِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَاصِبِ لِاسْتِهْلَاكِ زَيْتِهِ بِالِاخْتِلَاطِ وَلَهُ الْعُدُولُ بِهِ إِلَى الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ فِيهِ فَعَلَى هَذَا إِنْ رَضِيَ أَنْ يأخذ منه مثل مكيلته جاز وكان مسامحاً بِالْجَوْدَةِ، وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ بِقِيمَةِ زَيْتِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُجَابُ إِلَى ذَلِكَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْمِثْلِ.
وَالثَّانِي: يُجَابُ إِلَيْهِ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ بِالثُّلُثَيْنِ قِسْطِ عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسَةَ عَشْرَةَ إِنْ قَاسَمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ ثلثي الصاعين وذلك صاع وثلثه على صفعته ها هنا وإن اقتضاه التعليل جاز.
والحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يَطْلُبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِثْلَ مَكِيلَةِ زَيْتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَدْعُوَ الْغَاصِبُ إِلَى أَخْذِهِ مِنَ الْمُخْتَلِطِ بِزَيْتِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى دَفْعِ مِثْلِ الْمَكِيلَةِ مِنْ غَيْرِهِ.