لِأَحَدِهِمْ زَوَّجَهَا مَنْ سَلَّمُوا إِلَيْهِ الْعَقْدَ مِنْهُمْ وَسَوَاءً كَانَ أَفْضَلَهُمْ أَوْ أَنْقَصَهُمْ إِذَا لَمْ يكن به سَبَبٌ يَمْنَعُهُ مِنَ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ تَفَرَّدَ لَكَانَ وَلِيًّا فَكَذَلِكَ إِذَا شَارَكَ وَإِنْ تَنَازَعُوا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ نِزَاعُهُمْ فِي تَوَلِّي الْعَقْدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ كَأَنَّهُمُ اتفقوا على أن يزوجوها يزيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لَكِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَنَا أُزَوِّجُهَا بِهِ فَهَؤُلَاءِ لَا حَقَّ لِلسُّلْطَانِ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ عَاضِلٌ لَكِنْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَأَيُّهُمْ قُرِعَ كَانَ أَوْلَى بِنِكَاحِهَا مِنْ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنْ زَوَّجَهَا مَنْ لَمْ تَخْرُجْ لَهُ الْقَرْعَةُ مِنْهُمْ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ كَانَ نِكَاحُهُ جَائِزًا لِكَوْنِهِ وَلِيًّا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقُرْعَةِ فَفِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ لِكَوْنِهِ وَلِيًّا.
وَالثَّانِي: بَاطِلٌ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ قَدْ مَيَّزَتْ حَقَّ الْوِلَايَةِ لِغَيْرِهِ.
فَصْلٌ: وَالضَّرْبُ الثَّانِي
: أَنْ يَكُونَ نِزَاعُهُمْ فِي غير الزَّوْجِ وَفِي تَوَلِّي الْعَقْدِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَنَا أُزَوِّجُهَا بِزَيْدٍ وَلَا أُزَوِّجُهَا بِعَمْرٍو، وَيَقُولُ الْآخَرُ: بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُرْجَعُ إِلَى الزَّوْجَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ كَانَ مَنْ رَضِيَتْهُ الزَّوْجَةُ أَحَقَّ وَمَنْ دُعِيَ إِلَى تَزْوِيجِهَا بِهِ أَوْلَى فَإِنْ قَالَتْ: هُمَا عِنْدِي سَوَاءٌ فَزَوَّجُونِي بأحدهما فلا قرعة هاهنا؛ لأنه يصير قراعاً بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْقُرْعَةُ لَا تُمَيِّزُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، وإنما يتعين بالرضى وَالِاخْتِيَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ الْأَوْلِيَاءُ عَضْلَةً؛ لأن كل واحد منهم يمتنع من رَضِيَهُ الْآخَرُ فَوَجَبَ أَنْ يُرْجَعَ فِي تَزْوِيجِهَا إِلَى السُّلْطَانِ كَمَا لَوْ صَرَّحُوا بِالْعَضْلِ حَتَّى زوجها بِمَنْ يَخْتَارُهُ لَهَا مِنَ الزَّوْجَيْنِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِمَا والله أعلم.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " ولو أَذِنَتْ لِكُلِّ واحدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَا فِي رجلٍ بِعَيْنِهِ فَزَوَّجَهَا كُلُّ واحدٍ رَجُلًا فَقَدْ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا أنكح الوليان فالأول أحق " فإن لم تثبت الشهود أيهما أول فالنكاح مفسوخٌ ولا شيء لها وإن دخل بها أحدهما على هذا كان لها مهر مثلها وهما يقران أنها لا تعلم مثل أن تكون غائبةً عن النكاح ولو ادعيا عليها أنها تعلم أحلفت ما تعلم وإن أقرت لأحدهما لزمها ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي امْرَأَةٍ لَهَا وَلِيَّانِ أَذِنَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُزَوِّجَهَا برجلٍ لَا بِعَيْنِهِ يَخْتَارُهُ لَهَا مِنْ أَكْفَائِهَا، فَزَوَّجَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَلِيَّيْنِ بِرَجُلٍ غَيْرَ الَّذِي زَوَّجَهَا بِهِ الْآخَرُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَا مَعًا غير كفئين فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَاحِدٌ منهما فلا شيء عليهما فإن دَخْلَ بِهَا أَحَدُهُمَا كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا دُونَ الْمُسَمَّى وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ كفءٍ؛ لِأَنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُوقِفُ نِكَاحَهُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أحد الزوجين كفئاً، وَالْآخَرُ غَيْرَ كفءٍ فَنِكَاحُ غَيْرِ الْكُفْءِ بَاطِلٌ وَنِكَاحُ الْكُفْءِ جَائِزٌ سَوَاءً تَقَدَّمَ نِكَاحُهُ أَوْ تأخر، فإن دخل بها غير كفء فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ نكاحه قد تقدم فلا أحد عَلَيْهِ سَوَاءً عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَعَلَيْهَا أن تفتدي من