للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَرَقي عَلَى سَطْحِهَا وَالسَّطْح غَيْرُ مُحْجِزٍ لَمْ يَحْنَثْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَحْنَثُ احْتِجَاجًا، بِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِهَا، وَإِنَّ سُورَهَا مُحِيطٌ بِهِ فَأَشْبَهَ قَرَارَهَا.

وَدَلِيلُنَا شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا: إنَّ السَّطْحَ حَاجِزٌ فَأَشْبَهَ سُورَهَا، فَصَارَ الرَّاقِي عَلَيْهِ كَالرَّاقِي عَلَى السُّورِ، وَقَدْ وَافَقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، بِارْتِقَائِهِ عَلَى السُّورِ، كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِارْتِقَائِهِ عَلَى السَّطْحِ.

وَالثَّانِي: هُوَ أَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا، يقطع سارقه، وما فوق السطح ليس بمحرز، وَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْحِرْزِ فِي الْقَطْعِ وَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ حُكْمِ الدَّارِ فِي الْحِنْثِ.

وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِهَا يَبْطُلُ بِارْتِقَائِهِ عَلَى سُورِهَا.

وَاسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّهُ مُحِيطٌ بِهَا كَالسُّورِ فَصَحِيحٌ، لَكِنْ مَا فَوْقَ السَّطْحِ جارٍ مَجْرَى مَا وَرَاءَ السُّورِ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى السَّطْحِ تَحْجِيزٌ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَانِعٍ كَالْقَصَبِ، وَمَا ضَعُفَ مِنَ الْخَشَبِ، فَلَا يَحْنَثُ بِارْتِقَائِهِ عَلَيْهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَانِعًا بِبِنَاءٍ يَمْتَنِعُ بِمِثْلِهِ وَيَتَحَرَّزُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ خَشَبٍ وَثِيقٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي حِنْثِهِ بِارْتِقَائِهِ عَلَيْهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: يَحْنَثُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لِأَنَّ إِحَاطَةَ السَّطْحِ بِالدَّارِ تَحْجِزُ عَمَّا فَوْقَهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِأَنَّ السُّتْرَةَ مُحِيطَةٌ بِالدَّارِ، فَأَشْبَهَتِ السُّورَ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ طَرِيقَةُ أبي الغياض، إِنْ كَانَتِ السُّتْرَةُ عَالِيَةً يَحْجِزُ مِثْلُهَا، لَوْ كان في العرضة حَنِثَ، وَإِنْ كَانَتِ السُّتْرَةُ قَصِيرَةً لَا يَحْجِزُ مثلها، لو كان في العرضة، لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّطْحِ غُرْفَةٌ فَدَخَلَهَا يَحْنَثُ، وَلَوْ نَزَلَ مِنَ السَّطْحِ إِلَى مَرْقَاةٍ مِنْ دَرَجَتِهَا الدَّاخِلَةِ فِيهَا، حَنِثَ. وَلَوْ صَعِدَ مِنْ دَرَجِ الدَّارِ إِلَى سَطْحِهَا، وَالدَّرَجَةُ خَارِجَ الدَّارِ مَعْقُودَةٌ، أَوْ غَيْرُ مَعْقُودَةٍ، فَإِنْ لم يدخل فِي سُورِ الدَّارِ، لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي سُورِ الدَّارِ، حَتَّى تَجَاوَزَتْهُ فِي الدُّخُولِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ حَدَّ السُّورِ لَمْ يحنث،

<<  <  ج: ص:  >  >>