للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشربه أن يَمْزُجَهُ بِالْمَاءِ، وَيَشْرَبَهُ كَشُرْبِهِ الْمَاءَ، فَإِنْ شَرِبَهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ حَنِثَ. وَإِنْ بَلَّهُ حَتَّى اجْتَمَعَ وَأَكَلَهُ مَضْغًا لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ آكِلٌ وليس بشارب، ولم اسْتَفَّهُ سَفًّا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَارِبٍ وَلَا آكِلٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا آكُلُ هَذَا الْخُبْزَ، فَأَكَلَهُ أَنْ يَمْضُغَهُ بِفَمِهِ، وَيَزْدَرِدَهُ إِلَى جَوْفِهِ، فَإِنْ أَكَلَهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ حَنِثَ، وَإِنْ رَضَّهُ، وَمَزَجَهُ بِالْمَاءِ وَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ شَارِبٌ، وَلَيْسَ بِآكِلٍ.

وَلَوِ ابْتَلَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِآكِلٍ، وَلَا شَارِبٍ، وَلَا يَحْنَثُ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إِلَّا بِمَا وَصَلَ إِلَى الْجَوْفِ، فَإِنْ حَلَفَ لَا ذَاقَ هَذَا الطَّعَامَ، فَالذَّوْقُ أَنْ يَعْرِفَ طَعْمَهُ بِفَمِهِ.

وَهَلْ يَحْتَاجُ مَعَ مَعْرِفَةِ طَعْمِهِ بِفَمِهِ إِلَى وُصُولِ يَسِيرٍ مِنْهُ إِلَى جَوْفِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لَا يَكْمُلُ الذَّوْقُ إِلَّا بِوُصُولِ يَسِيرٍ مِنْهُ إِلَى جَوْفِهِ، لِيَمُرَّ فِي الْحَلْقِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ.

فَإِنْ لَمْ يَصِلْ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَى الْجَوْفِ لَمْ يَكُنْ ذَائِقًا، وَلَا حَانِثًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا مَعْرِفَةُ الطَّعْمِ دُونَ الْوُصُولِ إِلَى الْجَوْفِ، لِمُفَارَقَتِهِ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ الْمُخْتَصَّانِ بِالْوُصُولِ إِلَى الْجَوْفِ.

فَإِنْ أَكَلَ هَذَا الذَّائِقُ أَوْ شَرِبَ حَنِثَ، لِأَنَّهُ قَدْ ذَاقَ وَزَادَ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُ هَذَا الطَّعَامَ، فَالتَّطَعُّمُ مَعْرِفَةُ طَعْمِهِ بِلِسَانِهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِوُصُولِ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَى جَوْفِهِ، فَإِذَا عَرَفَ طَعْمَهُ حَنِثَ، فَإِنْ ذَاقَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ حَنِثَ، لِأَنَّهُ قَدْ تَطَعَّمَ وَزَادَ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا أَطْعَمُ هَذَا الطَّعَامَ، حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ، وَلَمْ يَحْنَثْ بِذَوْقِهِ وَطَعْمِهِ، لِفَرْقِ مَا بَيْنَ الطَّعْمِ وَالتَّطَعُّمِ، لِأَنَّ الطَّعْمَ مَا صَارَ طَعَامًا لَهُ، وَالتَّطَعُّمَ مَا عُرِفَ طَعْمُهُ.

فَلَوْ أَوْجَرَ الطَّعَامَ بِقَمْعٍ فِي حَلْقِهِ، وَلَمْ يَدْنُ فِي لَهَوَاتِ فَمِهِ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّوْقِ وَالتَّطَعُّمِ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شُرُوطِهَا فِي الوجود كُلِّهَا. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَنْ لَا يَطْعَمَ حَنِثَ، لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ، فَصَارَ طعاماً له.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ بِالْخُبْزِ أَوْ بِالْعَصِيدَةِ أَوْ بِالسَّوِيقِ حَنِثَ لِأَنَّ السَّمْنَ لَا يَكُونُ مَأْكُولًا إِلَّا بِغَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَامِدًا فَيَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَأْكُلَهُ جَامِدًا مُفْرَدًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا السَّمْنُ، فَلَهُ حَالَتَانِ: جامد وذائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>