[باب تصرف الرقيق]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِذَا ادَّانَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا كَانَ عَبْدًا وَمَتَى عُتِقَ اتَّبَعَ بِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ حَجْرُ الرِّقِّ يَمْنَعُ مِنْ عُقُودِ الْبَيْعِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّ تَأَدِّيهِ.
وَجُمْلَةُ أَحْوَالِ الْمَحْجُورِ عليهم في أشربتهم أَنَّهَا تَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يَصِحُّ مِنْهُمُ الشِّرَاءُ مَعَ الْحَجْرِ بِإِذْنٍ وَبِغَيْرِ إِذْنٍ، وَقِسْمٌ لَا يَصِحُّ مِنْهُمُ الشِّرَاءُ مَعَ الْحَجْرِ لَا بِإِذْنٍ وَلَا بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَقِسْمٌ لَا يَصِحُّ مِنْهُمُ الشِّرَاءُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ بِإِذْنٍ، وَقِسْمٌ يَصِحُّ مِنْهُمُ الشِّرَاءُ بِإِذْنٍ وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الشِّرَاءُ مَعَ الْحَجْرِ بِإِذْنٍ وَغَيْرِ إِذْنٍ فَهُوَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ غُرَمَائِهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ مُسْتَحَقٌّ فِي مَالِهِ لِأَجْلِ غُرَمَائِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مِنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِهِ، وَلَا يُفْسَخُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ لِلْغُرَمَاءِ حَقٌّ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ دَفَعَ مِنْهُ. وَكَذَا الْمُكَاتِبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَإِنَّ عُقُودَهُ مَاضِيَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُحَابَاةٌ، وَلَهُ دَفْعُ الثَّمَنِ مِمَّا فِي يَدِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ وَيَكُونُ مِنْ عَقْدِ المفلس والمكاتب مع صحتهما: قد كان أحدهما أن عقد المفلس ماضي مَعَ الْمُحَابَاةِ وَعَقْدَ الْمُكَاتِبِ مَرْدُودٌ فِي الْمُحَابَاةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُفْلِسَ يُمْنَعُ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مِمَّا فِي يَدِهِ وَالْمُكَاتِبَ لَا يُمْنَعُ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ. فَهَذَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ مَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الشِّرَاءُ بِإِذْنٍ وَلَا بِغَيْرِ إِذْنٍ فَهُوَ الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَشِرَاؤُهُ بَاطِلٌ وَلَا يَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ إِجْمَاعًا، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَشِرَاؤُهُ بَاطِلٌ عِنْدَنَا وَلَا يَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ.
وَقَالَ أبو حنيفة: عُقُودُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ فَجَازَ أَنْ يَصِحَّ عَقْدُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ وَهَذَا غَلَطٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute