للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

إِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عَبْدَيْنِ لَهُ عِنْدَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ على ضربين:

أحدها: أَنْ يَرْهَنَ جَمِيعَ الْعَبْدَيْنِ عَلَى جَمِيعِ الْمِائَتَيْنِ، فَهَذَا رَهْنٌ وَاحِدٌ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى عَبْدَيْنِ، فَإِنْ قَضَاهُ أَحَدَ الْمِائَتَيْنِ لَمْ يَنْفَكَّ وَاحِدٌ مِنَ الْعَبْدَيْنِ، فَإِنْ قَضَاهُ جَمِيعَ الْمِائَتَيْنِ انْفَكَّ جَمِيعُ الْعَبْدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ قَدْ أَقْبَضَهُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ كَانَ الْمَقْبُوضُ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْمِائَتَيْنِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَرْهَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَبْدَيْنِ فِي مِائَةٍ فَيَصِيرَا رَهْنَيْنِ رَاهِنُهُمَا وَاحِدٌ، وَمُرْتَهِنُهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنْ قَضَاهُ إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ انْفَكَّ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ قَدْ أَقْبَضَهُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ كَانَ الْمَقْبُوضُ رَهْنًا فِي إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ، فَيَجْرِي عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْعَقْدَيْنِ إِذَا كَانَا مِنْ رَاهِنَيْنِ أَوْ مُرْتَهِنَيْنِ، فَلَوِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ قَضَيْتُ الْمِائَةَ الَّتِي فِيهَا أَكْثَرُ الْعَبْدَيْنِ قِيمَةً وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ قَضَيْتَ الْمِائَةَ الَّتِي فِيهَا أَقَلُّ الْعَبْدَيْنِ قِيمَةً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ.

(فَصْلٌ)

وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ قَضَاهُ مِائَةً يَنْوِي بِهَا إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ بِكَمَالِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَيَّنَهَا فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَفُكَّ بِهَا أَكْثَرَ الْعَبْدَيْنِ قِيمَةً، وَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفُكَّ أَقَلَّهُمَا قِيمَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: إِنَّ الْمِائَةَ الْمَقْضِيَّةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى خِيَارِ الرَّاهِنِ فِي تَعْيِينِهَا فِي أَيِّ الْعَبْدَيْنِ شَاءَ، فَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ الْعَبْدَيْنِ شَاءَ بَعْدَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمِائَةَ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ الْمِائَةَ الْمَقْضِيَّةَ لَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى خِيَارِ الرَّاهِنِ فِي التَّعْيِينِ، وَلَا عَلَى خِيَارِ الْمُرْتَهِنِ لِوُقُوعِ الْإِبْرَاءِ بِالْأَدَاءِ، فَعَلَى هَذَا قَدْ بَرِئَ فِي إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا، وَخَرَجَ مِنَ الرَّاهِنِ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ، وَبَقِيَ فِي الرَّهْنِ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَرْهُونُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَفْكُوكُ، وَيُوضَعُ الْعَبْدَانِ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ لِلْجَهْلِ بِتَعْيِينِ الْمَفْكُوكِ مِنَ الْمَرْهُونِ، إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى فَكِّ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَبَقَاءِ الْآخَرِ بِعَيْنِهِ

(فَصْلٌ)

فَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ قَضَاهُ مِائَةً مُطْلَقَةً، وَلَمْ يَنْوِ بِهَا إِحْدَى الْمِائَتَيْنِ بِكَمَالِهَا كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>