للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدًا فِي الْحَالَتَيْنِ كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا.

قُلْنَا: لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ تَخْتَلِفُ بِالسَّلَامَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَدِيَةَ الْحُرِّ لَا تَخْتَلِفُ بِالسَّلَامَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلِذَلِكَ تَسَاوَيَا فِي دِيَةِ الْحُرِّ وَتَفَاضَلَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَهِيَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْوَرَثَةِ، لِحُدُوثِ الْجِنَايَةِ فِي رِقٍّ وَحُرِّيَّةٍ، وَلِلسَّيِّدِ مِنْهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ نِصْفِ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ اسْتَوْفَى مِنَ القَاطِعِينَ الدِّيَةَ إِبِلًا وَأَعْطَى السَّيِّدَ نِصْفَهَا إِبِلًا، وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفَهَا إِبِلًا.

وَهَلْ يَخْتَصُّ السَّيِّدُ بِالنِّصْفِ الَّذِي عَلَى الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُحْتَمَلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَخْتَصُّ بِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ، فَيَكُونُ النِّصْفُ الَّذِي عَلَى الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ لِلسَّيِّدِ، وَالنِّصْفُ الَّذِي عَلَى الْقَاطِعِ الثَّانِي لِلْوَرَثَةِ، وَلَا يَقَعُ اشْتِرَاكٌ بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْوَرَثَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِيهِمَا عَلَى الْقَاطِعَيْنِ، وَلَا يختص واحد منهما بما على أحدهما؛ لأنها اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ نَفْسٍ مُشْتَرَكَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْدَلَ بِالسَّيِّدِ عَنْ نِصْفِ الدِّيَةِ مِنَ الإِبِلِ إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الإِبِلِ مُسْتَحَقَّةً فِي قِيَمِ الْعَبِيدِ، لِأَنَّهُ صَارَ مَعْدُولًا بِهِ عَنِ الْقِيمَةِ إِلَى الدِّيَةِ، وَجَبَ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ عَنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ إِلَى جِنْسِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ السَّيِّدُ مِنْ إِبِلِ الدِّيَةِ نِصْفَ قِيمَةِ عَبْدِهِ وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا، فَإِنْ عَدَلَ إِلَى الْإِبِلِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِهَا. فَإِنْ قِيلَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّ حَقَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْجَانِي الْأَوَّلِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَبْدِهِ، وَقَوَّمَ بِهَا مِنَ الإِبِلِ مَا قَابَلَهَا، وَدَفَعَ مَا بَقِيَ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ مَعَ جَمِيعِ النِّصْفِ الْآخَرِ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ قِيلَ بِالْوَجْهِ الثَّانِي إنَّ السَّيِّدَ وَالْوَرَثَةَ مُشْتَرِكَانِ فِيمَا عَلَى الْقَاطِعَيْنِ أُخِذَتْ مِنْهُمَا الدِّيَةُ إِبِلًا، وَكَانَ السَّيِّدُ شَرِيكًا فِيهَا لِلْوَارِثِ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَبْدِهِ، وَالْوَارِثُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ مِنْ مَالِهِ، وَيَأْخُذَ جَمِيعَ الدِّيَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَيَأْخُذَ الْبَاقِيَ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى السَّيِّدِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ إِبِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا عَنْ مُرَاضَاةٍ، لِأَنَّ حَقَّهُ فِي غَيْرِهَا، فَهَذَا حُكْمُ الْجِنَايَةِ إِذَا كَانَتْ مِنِ اثْنَيْنِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَدَدُ الْجُنَاةِ أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْنِ كَالثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا، فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْجُنَاةُ فِي الرِّقِّ أَقَلَّ مِنَ الجُنَاةِ بَعْدَ الْعِتْقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>