الْمُسْتَفَادِ فِيهَا، وَيَحْتَمِلُ رَأْسَ سَنَةِ الْأَصْلِ وَمَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ فَحَمْلُهُ عَلَى سَنَةِ الْمُسْتَفَادِ أَوْلَى، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لا زكاة على مال حتى يحول عليه الْحَوْلُ " وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ، ثُمَّ لَا شَيْءَ فِي زِيَادَتِهَا حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا " فَهَذَا إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ بَيَانَ الْمَقَادِيرِ دُونَ ضَمِّ الْمُسْتَفَادِ، فَلَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِسَاعِيهِ: " عُدَّ عَلَيْهِمْ صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا " أَرَادَ بِهِ بَيَانَ الْحُكْمِ فِي الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، فَلَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى نِتَاجِ مَالِهِ، فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهَا مُتَوَلَّدَةٌ مِمَّا عِنْدَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْمُسْتَفَادِ النِّصَابُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الحول، فينكسر من إتباع ماشيته بِمَالٍ قَدْ زَكَّاهُ، فَلَا يَجِبُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَضُمَّهُ إِلَى حَوْلِ مَاشِيَتِهِ، وَيَسْتَأْنِفَ حَوْلَهُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ، فَكَانَ الْحَوْلُ مُعْتَبَرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنِ النِّصَابُ مُعْتَبَرًا، عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ، أَنَّ النِّصَابَ اعْتُبِرَ لِيَبْلُغَ الْمَالُ قَدْرًا يَتَّسِعُ لِلْمُوَاسَاةِ، وَهَذَا حَاصِلٌ بِوُجُودِ مَا اسْتَفَادَهُ، وَالْحَوْلُ اعْتُبِرَ لِيَتَكَامَلَ فِيهِ نَمَاءُ الْمَالِ، وَهَذَا غَيْرُ حَاصِلٍ بِوُجُودِ مَا اسْتَفَادَهُ حَتَّى يَحُولَ حَوْلُهُ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ فِي اعْتِبَارِ الْوِلَادَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَلِأَنَّ السِّخَالَ تَابِعَةٌ لِأُمَّهَاتِهَا فِي الْإِيجَابِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا قَبْلَ الْإِيجَابِ، فَإِنْ نَتَجَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ ضُمَّتْ إِلَى أُمَّهَاتِهَا، وَأَخْرَجَ زَكَاةَ جَمِيعِهَا، وَإِنْ نَتَجَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَبَعْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ نَتَجَتْ بَعْدَ الْإِمْكَانِ، لَمْ تُضَمَّ إِلَى الْأُمَّهَاتِ فِي الْحَوْلِ الْمَاضِي، لِاسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ، وَضُمَّتْ إِلَيْهَا فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، وَإِنْ نَتَجَتْ قَبْلَ الْإِمْكَانِ، فَفِي إِيجَابِ ضَمِّهَا إِلَى الْأُمَّهَاتِ قَوْلَانِ مبنيان على اختلاف قوليه في الإمكان، قيل هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ فِي الضَّمَانِ، فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ في الوجوب وتضم إِلَى الْأُمَّهَاتِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، لِاسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ بَعْدَ وُجُودِهَا، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ: إِنَّهُ شرط في الضمان دون الوجوب لا تضم إلى الْحَوْلِ الْمَاضِي، لِاسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ قَبْلَ وُجُودِهَا، وَاللَّهُ أعلم.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّ الْمَاشِيَةِ ".
قَالَ الماوردي: وهذا كما قال:
إن اخْتَلَفَ السَّاعِي وَرَبُّ الْمَالِ فِي الشَّرَائِطِ الثَّلَاثَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ضَمِّ السِّخَالِ، فَادَّعَى السَّاعِي وُجُودَ جَمِيعِهَا وَإِيجَابَ ضَمِّهَا إِلَى أُمَّهَاتِهَا، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ عَدَمَ بَعْضِهَا وَسُقُوطَ ضَمِّ السِّخَالِ إِلَى أُمَّهَاتِهَا، وَكَأَنَ السَّاعِيَ ادَّعَى أَنَّ السِّخَالَ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، أَوِ ادَّعَى السَّاعِي أَنَّ الْأُمَّهَاتِ أَرْبَعُونَ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهَا دُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute