للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ جَمَلٌ وَلِلْآخَرِ سِقَاءٌ وَالثَّالِثُ عَامِلٌ بِيَدَيْهِ لِيَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي الْكَسْبِ فَهُوَ نَوْعُ شَرِكَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَصِحُّ ثُمَّ الْمَعْنَى فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ: جَوَازُهَا بَيْنَ مُخْتَلِفَيِ ٧ الدِّينَيْنِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ عُمُومَهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهَا. فَهُوَ أَنَّنَا لَمْ نَمْنَعْ مِنْهَا لِعُمُومِهَا وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْهَا لِدُخُولِ الْغَرَرِ فِيهَا. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ الرِّبْحَ قَدْ يُقَابِلُ الْمَالَ تَارَةً وَالْعَمَلَ أُخْرَى فهو أنه يصح إذا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ فَأَمَّا إِذَا اجْتَمَعَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا وَهَاهُنَا - وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَبَطَلَ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَهُوَ شَرِكَةُ الْمُفَاضَلَةِ وَهُوَ أَنْ يَتَفَاضَلَا فِي الْمَالِ وَيَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ أَوْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَالِ وَيَتَفَاضَلَا فِي الرِّبْحِ فَهَذِهِ شَرِكَةٌ بَاطِلَةٌ.

وَقَالَ أبو حنيفة: هِيَ شَرِكَةٌ جَائِزَةٌ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْمُؤْمِنُونُ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " قَالَ: وَلِأَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ كالمضاربة، ولأن الْعَمَلَ فِي الْمُضَارَبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ فَلَمَّا جَازَ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا مِنَ الرِّبْحِ أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ كَذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ وَلِأَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ عَمَلًا فَيَسْتَحِقُّ مَعَ قِلَّةِ مَالِهِ لِأَجْلِ عَمَلِهِ أَكْثَرَ رِبْحًا. وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي الْمَالِ يَمْنَعُ مِنَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ أَصْلُهُ إِذَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ. وَلِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تُفْضِي إِلَى الرِّبْحِ تَارَةً وَإِلَى الْخُسْرَانِ تَارَةً أُخْرَى فَلَمَّا كَانَ الْخُسْرَانُ يُقَسَّطُ عَلَى الْمَالِ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِالشَّرْطِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الرِّبْحِ مِثْلُهُ يَتَقَسَّطُ عَلَى الْمَالِ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِالشَّرْطِ وَقَدْ يَتَحَرَّرُ مِنِ اعْتِلَالِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ قِيَاسَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرِّبْحَ أَحَدُ مُوجِبَيِ الْعَقْدِ فَوَجَبَ إِذَا كَانَ شَرْطُهُ مُخَالِفًا لِمُطْلَقِهِ أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ كَالْخُسْرَانِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ لَوْ كَانَ فِي الْخُسْرَانِ بَطَلَ بِهِ الْعَقْدُ وَوَجَبَ إِذَا كَانَ فِي الرِّبْحِ أَنْ يَبْطُلَ بِهِ الْعَقْدُ، أَصْلُهُ إِذَا شرط بينهما الأجنبي وَلِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالٍ مُودَعٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقَسَّطًا عَلَى تَفَاضُلِ الْمَالِ كَالْمَاشِيَةِ وَالثَّمَرَةِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " فَقَدْ قَالَ فِيهِ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْمُضَارَبَةِ فَالْمَعْنَى فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ إِطْلَاقُهَا يَقْتَضِي تَسَاوِيَهَا فِي الرِّبْحِ جَازَ أَنْ يَتَشَارَطَا التَّفَاضُلَ فِي الرِّبْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الشَّرِكَةُ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّ عَمَلَ أَحَدِهِمَا قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشَّرِكَةِ لَا يُقَابِلُ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ أَلَا ترى

<<  <  ج: ص:  >  >>