للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى هَذَا فِي كَيْفِيَّةِ يَمِينِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُصَرَّحُ فِيهَا بِالِابْتِدَاءِ بِالنَّفْيِ. ثُمَّ بِالْإِثْبَاتِ، فَيَقُولُ الزَّوْجُ: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتُكِ عَلَى صَدَاقِ أَلْفَيْنِ، وقد تَزَوَّجْتُكِ عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ.

ثُمَّ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ فَتَقُولُ: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتَنِي عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ، وَلَقَدْ تَزَوَّجْتَنِي عَلَى صَدَاقِ أَلْفَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُصَرِّحُ بِالنَّفْيِ وَيُصَرِّحُ بِالْإِثْبَاتِ الدَّالِّ عَلَى النَّفْيِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتُكِ إِلَّا عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ.

وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتَنِي إِلَّا عَلَى صَدَاقِ أَلْفَيْنِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْجَزُ وَاللَّفْظُ فِيهِ أَخَصُّ.

فَهَذَا إِذَا قِيلَ يُحَلِّفُهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُحَلِّفُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينَيْنِ، يَمِينًا لِلنَّفْيِ، ثُمَّ يَمِينًا لِلْإِثْبَاتِ.

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ النَّفْيِ، فَيَقُولُ الزَّوْجُ: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتُكِ عَلَى صَدَاقِ أَلْفَيْنِ. وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ: وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجْتَنِي عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ.

ثُمَّ يُحَلِّفُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ، فَيَقُولُ الزَّوْجُ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ. وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَزَوَّجْتَنِي عَلَى صَدَاقِ أَلْفَيْنِ.

فَصْلٌ: الْأَثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى تَحَالُفِ الزَّوْجَيْنِ

فَإِذَا تَحَالَفَ الزَّوْجَانِ عَلَى مَا وَصَفْنَا بَطَلَ الصَّدَاقُ، لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَلْفًا بِيَمِينِ الزَّوْجِ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَلْفَيْنِ بِيَمِينِ الزَّوْجَةِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ، فَيَكُونُ بَاطِلًا، لِلْجَهْلِ بِهِ، كَذَلِكَ إِذَا تَحَالَفَا.

وَهَلْ يَبْطُلُ الصَّدَاقُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ أَوْ بِفَسْخِ الْحَاكِمِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَضَيَا فِي الْبُيُوعِ، ثُمَّ إِذَا بَطَلَ الصَّدَاقُ لَمْ يَبْطُلِ النِّكَاحُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا تَحَالَفَا بَطَلَ النِّكَاحُ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ فَسَادَ الصَّدَاقِ مُوجِبٌ لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ.

فَإِنَّ فَسَادَ الصَّدَاقِ إِذَا سَقَطَ مِنَ النِّكَاحِ صَارَ نِكَاحًا بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ صَحَّ النِّكَاحُ. فَكَذَلِكَ إِذَا نَكَحَهَا عَلَى صَدَاقٍ فَاسِدٍ، وَكَانَ هَذَا بِخِلَافِ تَحَالُفِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ بَعْدَ التَّحَالُفِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِثَمَنٍ فَبَطَلَ بِبُطْلَانِ الثَّمَنِ، وَالنِّكَاحَ يَصِحُّ بِغَيْرِ صداق فلم يبطل ببطلان الصداق.

<<  <  ج: ص:  >  >>