وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَالْمَرْوِيُّ عَنْهَا خِلَافُهُ، عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ومن كان معه هدي فليهل بالحج ". إنما هو أمر منه عليه السلام لمن كان أحرم بالعمرة أن يهل بِالْحَجِّ فَيَصِيرُ قَارِنًا، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ لَا يحل حتى يفرغ منها جَمِيعًا، وَكَذَا نَقُولُ فِي الْقَارِنِ: إِنَّهُ لَا يُحِلَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ النُّسُكَيْنِ جَمِيعًا.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا فَسْخُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَجَّ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَأَمْرُهُ لَهُمْ أَنْ يُحِلُّوا بالعمرة فالذي يومئ (إليه) الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا، وَإِنَّمَا أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابُهُ إِحْرَامًا مَوْقُوفًا ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ يَصْرِفَ إِحْرَامَهُ إِلَى عُمْرَةٍ، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَصْرِفَ إِحْرَامَهُ إِلَى الْحَجِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ، وَقَالَ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ: إِنَّهُ كَانَ فَسْخًا وَإِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ ويتحلل بعمل عمرة، الرواية بِهَذَا أَشْهَرُ، وَقَدْ رَوَى أَبُو نَضْرَةَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا أَوْمَأَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، جَازَ فِعْلُ مِثْلِهِ فِي وَقْتِنَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ الْمَوْقُوفَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ: مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لَمْ يجز (فسخ الحج لنا خاصة، ولا لمن بعدنا، فقال: بل لكم خاصة) فعل مثله في وقتنا هنا، لِمَا رَوَى بِلَالُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَوْ لَنَا وَلِمَنْ بَعْدَنَا فَقَالَ: بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أنه قال: إنما كان ذلك الرهط الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute