شَاةً حَايِلًا فَحَمَلَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا أَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ. فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مُوكِسًا فِي ثَمَنِهَا أَوْ مُخَوَّفًا عَلَيْهَا فِي وِلَادَتِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ وَإِنْ لَمْ يُوكِسْهَا فِي ثَمَنِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُخَوَّفًا عَلَيْهَا فِي وِلَادَتِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ وَإِنْ لَمْ تُوكَسْ فِي ثَمَنِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُخَوَّفًا عَلَيْهَا فِي وِلَادَتِهَا رَدَّهَا حَامِلًا، فَإِذَا وَضَعَتْ وَلَدَهَا فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ يَكُونُ تَبَعًا كَانَ الْوَلَدُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْحَمْلَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا لِاتِّصَالِهِ بِالْأُمِّ عِنْدَ الرَّدِّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَقْيَسُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ، لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ وَغَيْرُهُ فِي حُكْمِهِ.
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَبَسَ الشَّاةَ الْمَعِيبَةَ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا لَأَخْذِ مِلْكِهِ مِنْهَا وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا وَلَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ:
ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ فِي مَسَائِلِهِ الْمَنْثُورَةِ أَنَّ رَجُلًا لَوِ اشْتَرَى غَنَمًا بِعَشَرَةِ أَقْسَاطٍ مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، فَلَمْ يَتَقَاضَاهَا حَتَّى احْتَلَبَ الْبَائِعُ مِنْهَا عَشَرَةَ أَقْسَاطٍ مِنْ لَبَنٍ، ثُمَّ مَاتَتِ الْغَنَمُ أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ مِنَ الْبَائِعِ مَا احْتَلَبَتْ مِنَ اللَّبَنِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ تَلَفَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَيُوجِبُ سُقُوطَ الثَّمَنِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ملك النماء والله أعلم.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا فَالْوَطْءُ أَقَلُّ مِنَ الْخِدْمَةِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ وَطْءُ الْمُشْتَرِي لِلْأَمَةِ الثَّيِّبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ رَدِّهَا بِالْعَيْبِ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
وَقَالَ أبو حنيفة وَطْؤُهُ مَانِعٌ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا عُقْرَهَا وَهُوَ الْمَهْرُ وَرُوِيَ بِنَحْوِهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَعُقْرُهَا إِنْ كَانَتْ بِكْرًا عُشْرُ قِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا نِصْفُ الْعُشْرِ " وَاسْتَدَلَّ مَنْ جَعَلَ الْوَطْءَ مَانِعًا مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّهُ وَطْءٌ وَيَكْمُلُ بِهِ الْمَهْرَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُدُوثُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي مَانِعًا مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قِيَاسًا عَلَى وَطْءِ الْبِكْرِ قَالُوا: وَلِأَنَّ الْوَطْءَ كَالْجِنَايَةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ.
وَالثَّانِي: أنه لا ينفك من وجوب ماله أَوْ وُجُوبِ حَقٍّ فِي بَدَنٍ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ.