للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضَامِنًا، وَقَوْلُ الدَّافِعِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَهَلْ يَكُونُ لِلْآمِرِ الرُّجُوعُ إِذَا أَغْرَمَهَا عَلَى الدَّافِعِ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ الدَّفْعِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَرُدَّهَا بِغَيْرِ أَمْرٍ لَكِنْ بِعُذْرٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَالِ عُذْرِهِ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ الْمَأْمُورِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: قَوْلُهُ مَقْبُولٌ عَلَيْهِ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْآمِرِ عَلَيْهِ، وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدِ ائْتَمَنَ الْأَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يُقْبَلَ قوله عليه، ولم يأتمن المأمور فلم يقبل قوله عليه.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ رَدَّهَا بِأَمْرِ مَالِكِهَا، لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَنْ يَرُدُّهَا مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ إِذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي الرَّدِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ الْمَأْمُورُ لَهُ يَعْمَلُ ضَامِنًا لَهَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ لَا فِي حَقِّ الْآمِرِ [عَلَى الدَّفْعِ إِلَى الْمَأْمُورِ، وَقَوْلُ الْمَأْمُورِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى الْمَالِكِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ] .

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ رَدَّهَا بِأَمْرِ مَالِكِهَا وَتَعْيِينِهِ لَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَهُ، فَقَوْلُ الْمَأْمُورِ هَاهُنَا مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، لِأَنَّ الْمَالِكَ قَدِ ائْتَمَنَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّعْيِينِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ مُصَدِّقًا لِلْآمِرِ فِي الدَّفْعِ إِلَى الْمَأْمُورِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَالْآمِرُ ضَامِنٌ، وَقَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ إِلَى الْمَأْمُورِ غَيْرُ مَقْبُولٍ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي: " وَلَوْ حَوَّلَهَا مِنْ خَرِيطَةٍ إِلَى أَحْرَزَ أَوْ مِثْلِ حِرْزِهَا لَمْ يَضْمَنْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهَا ضَمِنَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

والحكم فِي نَقْلِ الْوَدِيعَةِ مِنْ خَرِيطَةٍ إِلَى أُخْرَى، أَوْ مِنْ صُنْدُوقٍ إِلَى صُنْدُوقٍ، كَنَقْلِهَا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ، وَمِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ، وإن خالفنا أبو حنيفة خلافا تقدم الْكَلَامُ مَعَهُ فِيهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْخَرِيطَةُ مَخْتُومَةً مَشْدُودَةً أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَتْ مَشْدُودَةً مَخْتُومَةً فَكَسَرَ خَتْمَهَا وَحَلَّ شَدَّهَا وَنَقَلَهَا إِلَى غَيْرِهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا بَعْدَ كَسْرِ الْخَتْمِ وَحَلِّ الشِّدَادِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَتِ الْخَرِيطَةُ غَيْرَ مَشْدُودَةٍ وَلَا مَخْتُومَةٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْخَرِيطَةُ لِلْمُسْتَوْدَعِ، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ مُرْسَلَةً فَأَحْرَزَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي خَرِيطَةٍ فَلَهُ نَقْلُهَا إِلَى مِثْلِهَا أَوْ أَحْرَزَ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا ضَمَانَ لِعُذْرٍ كَانَ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ نَقَلَهَا إِلَى أَدْوَنِ مِنْهَا مِمَّا لَا يَكُونُ حِرْزًا لَهَا ضَمِنَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْخَرِيطَةُ لِلْمَالِكِ، فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهَا مِنْ تِلْكَ الْخَرِيطَةِ إِلَى غَيْرِهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، فَإِنْ نَقَلَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَ، سَوَاءٌ نَقَلَهَا إِلَى أَحْرَزَ مِنْهَا أَمْ لَا، وَإِنْ نَقَلَهَا مِنْ عُذْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ النَّقْلِ هَلْ هُوَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مع يمينه، لأن الظاهر إخراجها عدوان إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>